تخليد الذكرى 94 لاستشهاد المجاهد موحى أحمو الزياني بخنيفرة
خلدت يوم الإثنين 30 مارس أسرة المقاومة و جيش التحرير ومعها ساكنة إقليم خنيفرة بتملاكت ، الذكرى الـ94 لاستشهاد المجاهد موحى وحمو الزياني، أحد شهداء التحرير الذي لبى داعي ربه في 27 مارس من سنة 1921 بأزلاك نزمورت بتاوجكالت ، بعدما أصيب برصاصة غادرة و هو على صهوة جواده خلال معركة مأساوية كان فيها الأب مع المتمردين و الأبناء مع المستعمر و المستسلمين له من الزيانيين.
احتفالات هذه السنة تميزت عن سابقاتها بإشراف المندوب السامي للمقاومة و أعضاء جيش التحرير و معه عامل الإقليم السيد محمد أعلي أوقسو و الوفد المرافق لهما من منتخبين و سلطات محلية مدنية و عسكرية على توقيع اتفاقية للتعاون بين النيابة الإقليمية للمندوبية السامية للمقاومة و جيش التحرير من جهة، و جمعية النبراس للتربية و التكوين و تقوية القدرات بخنيفرة من جهة أخرى، تهم مجال التشغيل الذاتي و العمل المقاولاتي، عملا بالتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس ،الداعية إلى اعتماد مقاربة جديدة في حسن تدبير شؤون وقضايا قدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير في سياق إيجاد حلول و بدائل ناجعة تستهدف تحقيق تنمية شاملة و مستدامة لأوضاعها المادية و المعنوية.
و تهدف هذه الاتفاقية إلى تقوية مجال التعاون والشراكة و تبادل الخبرات و التجارب بين الطرفين في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية بما يخدم أسرة المقاومة و جيش التحرير، و التنمية المحلية من خلال دعم مبادرات و مشاريع أبناء قدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير بتنظيم لقاءات تحسيسية و أخرى تعبوية من شأنها مساعدتهم على بلورة أفكار و رؤى و مشاريع هادفة إلى إدماجهم في النسيج الاقتصادي و الاجتماعي، و بالتالي تيسير و تقوية مشاركتهم في التنمية المحلية، و تنظيم دورات تكوينية لفائدة حاملي أفكار مشاريع في مجال خلق المقاولات الصغرى و المتوسطة، و أخرى لفائدة حاملي المشاريع و أعضاء الجمعيات و التعاونيات في جوانب التسيير و التنظيم الإداري و المالي و تطوير القدرات و المهارات الفردية ، تقديم المساعدة الفنية في إعداد دراسة الجدوى و ملفات طلبات التمويل للمشاريع المزمع إحداثها ، تقوية قدرات و كفاءات أطر خلايا التشغيل الذاتي و الأطر العاملة بالنيابة الإقليمية للمقاومة و أعضاء جيش التحرير و توسيع مداركها في مجال الإعلاميات و التسيير حتى يتسنى لهم مساعدة و دعم أبناء المقاومين و أعضاء جيش التحرير لتمكينهم من إحداث وتدبير مشاريعهم و منشآتهم الصغرى و المتوسطة،و تبادل الخبرات فيما يهم الطرفين في المجالات التي تهم مواد الاتفاقية.
قبل ذلك، و بعد زيارة الضريح و تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم به ترحما على أرواح شهداء الوحدة و الاستقلال، كان الحضور بعد كلمتي الترحيب باسم جماعة اكلمام أزكزا، ثم باسم المجلس الإقليمي مع كلمة المندوب السامي للمقاومة و أعضاء جيش التحرير الذي اعتبرها فرصة سانحة لاستحضار مقولات مأثورة في حق شهدائنا الأبرار ، منها ما جاء على لسان جلالة المغفور له محمد الخامس عندما قال ممجدا ذكرى الشهداء في 18 يونيو 1956 "إن الشعب المغربي مفطور على الاعتراف بالجميل، و لن ينسى عمل أولئك الذين كان لهم فضل المقاومة سواء بالسلاح أو اللسان أو المال…"،أو على لسان جلالة المغفور له الحسن الثاني حين قال : " إن أشرف وسام يحمله المرء على صدره هو وسام الدفاع عن أرض الوطن ، و أقصى ما يمكن أن يفعله الإنسان من اجل تحقيق هدف سام أو نصرة قضية مقدسة هو بذل النفس و التضحية بالحياة، فالاستشهاد هو أقصى مراحل الصدق و إبرز علامات الإيمان."، و منه أيضا ما جاء في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الخامسة عشر لعيد العرش المجيد حيث قال حفظه الله:" نستحضر بكل خشوع و إكبار ، الأرواح الطاهرة لجدنا و والدنا المنعمين ، جلالة الملك محمد الخامس و جلالة الملك الحسن الثاني ، و كافة شهداء الوطن اّلأبرار أكرم الله مثواهم ، لما قدموه من تضحيات جسيمة في سبيل عزة الوطن و سيادته، ووفاء لذكراهم الخالدة، سنواصل إن شاء الله النهوض بأوراش التنمية و التحديث ، لتوفير ظروف العيش الحر الكريم لجميع مواطنينا أينما كانوا في ظل الوحدة و الأمن و الاستقرار."
إثر ذلك، استحضر السيد المندوب السامي مناقب المجاهد موحى احمو الزياني والمعارك التي خاضها ضد المستعمر منذ سنة 1907 بمعية القبائل الزيانية، و مساندته لكل الانتفاضات الشعبية التي عرفتها العديد من المناطق بالمغرب، مركزا على الانتصار الباهر الذي سجله له التاريخ في معركة لهري الشهيرة في 13 نونبر 1914 ، مستشهدا على ذلك بما جاء على لسان العدو نفسه قبل الصديق،و منها ما جاء على لسان الجنرال كيوم حيث قال:" لا تكمن قوة الزيانيين في كثرة عددهم بقدر ما تكمن في قدرتهم على مواصلة القتال بالاعتماد على ما كانوا يتحلون به من بسالة و تماسك و انتظام ، و أيضا بفضل مهارة فرسانهم البالغ عددهم 2500 رجل…"و هو الذي قال أيضا متحدثا عن معركة لهري:" لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة…"
و بالمناسبة، أشار السيد المندوب السامي إلى أنه في إطار الإعلان عن مباراة وطنية في كتابة قصص تاريخية حول الحركة الوطنية والمقاومة و جيش التحرير و الموجهة أساسا للناشئة ، تم التوصل إلى حد الآن ب 52 قصة منها 5 قصص حول المجاهد موحى أحمو الزياني و هي: "موحى أحمو الزياني فارس الأطلس الكبير" للأستاذ العربي بنجلون من مدينة القنيطرة، "أمغار ــ زمن الكفاح" للأستاذ محمد بورورو من مدينة خنيفرة، حكاية البطل موحى احمو الزياني " للأستاذ الحسين نيحيحي من نفس المدينة، و " لحن الانتصار" للأستاذ مصطفى المعطاوي من مدينة العيون.
و أكد السيد الكثيري في كلمته، على أن الأجيال الجديدة في أمس الحاجة إلى تعريفها بتاريخ بلادنا التليد الطافح بالملاحم و البطولات، و الزاخر بالأمجاد و المكرمات، لاستقراء جوانبه و فصوله، و استلهام قيمه و عبره و عظاته، لتتقوى فيها الروح الوطنية و حب الوطن و الاعتزاز بالانتماء إليه، و خدمته في مسيرات الحاضر و المستقبل، باعتبار هذا الموروث النضالي كمكون أساسي من الرأسمال اللامادي لوطننا عملا بالتوجيهات الملكية السامية …
و لم يفت السيد مصطفى الكثيري التحدث بالمناسبة على وحدتنا الترابية، معتبرا أن قضية الصحراء المغربية ليست قضية الصحراويين وحدهم ، و إنما هي قضية كل المغاربة ، قضية وجود و ليس قضية حدود ،مؤكدا أن المغرب سيظل في صحرائه و الصحراء في مغربها رغم كيد الكائدين .
بعدها و كما هي العادة في أمثال هذه المناسبة، تم تكريم صفوة من قدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير، منهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر،و توزيع إعانات مالية على المستفيدين من أسر المقاومة و أعضاء جيش التحرير: 20 منهم في إطار بند الإسعاف بغلاف إجمالي بلغ 20 ألف درهم، و 4 أرامل في بند الإعانة على الدفن بملغ إجمالي قدره 16 ألف درهم,
و بعد تلاوة البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله، رفع الحضور أكف الضراعة إلى العلي القدير ترحما على أرواح الشهداء و بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
{facebookpopup}