حي المسيرة بخنيفرة خزان لطاقات في حاجة لمن يفجرها
في حي المسيرة بخنيفرة ، أحد الأحياء الهامشية الذي رأى النور في جنح الظلام ، و في زقاق من هذا الحي بمنحدر قد يجد المرء صعوبة في المرور منه ، في هذا الفضاء نظمت مؤخرا جمعية الرحمة للتضامن و الخير،بتنسيق مع جمعية المسيرة للتنمية و الثقافة أمسية ثقافية و ترفيهية لفائدة ساكنة الحي، معتمدتين في ذلك على أدوات في غاية البساطة ، و أطفال و شباب الحي الذين تدربوا على أيدي طاقات محلية.
في هذا الفضاء الذي لم يستعن فيه المنظمون بالقوات العمومية لفرض النظام، اجتمعت ساكنة الحي بمختلف أجنساها و تلاوينها ،بذكورها و إناثها، بصغارها و كبارها و معهم ثلة من المدعوين للاستمتاع بأمسية قد لا يجد لها المرء مثيلا في الفضاءات الفسيحة المدعمة بالعتاد الرفيع و بالأسماء الوازنة في مختلف الفنون ،في هذا الفضاء، أدت فرق أبناء الحي أغلبهم في عمر البراعم أغاني فلسطينية مختارة بعناية من طرف المنظمين بمناسبة الاحتفالات يوم الأرض و مؤداة باحترافية كبيرة من طرف صبية نالوا إعجاب الجمهور الذي حضر هذا النشاط الاستثنائي في كل شيء بكثافة، و لأن المناسبة كانت أيضا الاحتفالات بعيد الأم ، فقد تمت برمجة العديد من الأنشطة في هذا الباب و منها رقصة "شدي حزامك يا أماه" برع في أدائها طفلات و أطفال في عمر الزهور ، و لإثارة انتباه شباب الحي إلى آفات المخدرات، قدمت لهم مسرحية "البلية " و التي بالرغم من عدم توفر كافة عناصر المسرح من كواليس و ديكور، إلا أن إتقان الأداء و أهمية المحتوى كانا كافيين في تبليغ الرسالة ، و لأن المنظمين أرادوا أن يبلغوا العديد من الرسائل إلى المعنيين بالأمر فقد برمجوا مسرحية أخرى للفت الانتباه إلى ما يتعرض له سكان الهامش من إهانات و ابتزاز في المستشفى، كما برمجوا رقصة أداها أطفال لا يتجاوز عمر كبيرهم خمس سنوات موجهة بالخصوص إلى المسؤولين و المنتخبين الذين لا يعرفون الحي إلا وقت الانتخابات.
إلى جانب هذه الأنشطة الهادفة و التي خلقت الفرجة وأدخلت الغبطة و السرور في قلوب سكان هذا الحي، تمت برمجة الاحتفال بسيدات تفوقن في دروس محو الأمية فتم توزيع شواهد تقديرية عليهن أمام الملأ لتحفيز الأخريات على الإقبال على دروس محو الأمية التي تقدمها جمعية المسيرة للتنمية و التي قامت بعمل جبار في تسوية الوثائق الإدارية للعديد من الأسر من حالة مدنية و ثبوت الزوجية و غيرها ، و لتكتمل الفرحة، تم تكريم رياضيين بارزين على الصعيدين الوطني و الدولي خرجا من رحم هذا الحي ، و يتعلق الأمر كل من خديجة فرياط إحدى العداءات التي سطع نجمها عاليا في السماء حيث مثلت المغرب في العديد من المحافل الرياضية الدولية سواء على الصعيد الإفريقي أو العربي أو الأوروبي ، في منافسات مسافات 800 متر و 1500 متر، و معها البطل الصاعد اسماعيلي مصطفى الذي شارك في منافسات مسافة 1500متر في العديد من الدول كبوتسوانا و النيجير و الصين.
هكذا إذا هو حي المسيرة،حي يعيش الهشاشة من حيث البنية التحتية، لكنه أعطى و يعطي أبطالا دوليين، حي هامشي لكن مخزونه من الطاقات البشرية في مختلف الميادين و منها الفنية لا يستهان به ، فكل من حضر الحفل المتواضع بأدواته انبهر للمستوى الرفيع للمواضيع المتناولة، و للمستوى الجيد للأداء. فهل ستتم الالتفاتة إليه لإبراز هذه الطاقات، كما دعا إلى ذلك أحد المنظمين، أم انه ستبقى ساكنته مجرد ورقات انتخابية سيتهافت عليها المرشحون بعد حين؟
{facebookpopup}