حيتان جائعة تنتظر الفرصة…
مر وقت طويل على الأحزاب السياسية وهي تتبادل الأدوار في مسرحية الديموقراطية التي جلس الشعب المغربي متفرجا فيها، فبالرغم من المشاكل والفواجع والمحن التي يتخبط فيها المواطن لم يحصل على إلتفاتة جدية من قبل الأحزاب في هذا البلد، لكن والحق يقال فإن الملك محمد السادس خرج عن صمته ونزل للشارع يلعب دور قادة الأحزاب ويدشن المشاريع ويبدع في الأفكار ويتنقل بين الدول بحثا عن الإستثمار ليصون كرامة المواطن ويحافظ على وحدة الأرض والشعب.
قد يتصور البعض ان تغيير حزب بآخر سيجدي نفعا، لكن رغم الإيولوجيات المختلفة إلا ان الحقائق تثبث أن الأحزاب بمجرد ما أن تطأ قرفصاتهم كراسي المسؤولية في هذا البلد حتى يظهر وجههم الحقيقي، الجميع يعي الدوافع الحقيقية التي تقف خلف كل هذا التسويف المبرمج والاجهاض الذي سنظل نشاهده مع مثل الأحزاب المشلولة، والتي بمقدورها وحدها انتشال هذا الوطن من محنته الراهنة.
المتابع للمشهد السوريالي الراهن يدرك نوع الحطام السياسي السائد على مسرح الأحداث، حيث الكتل والاحزاب التي لا تطيق أي شكل من أشكال الانتقاد والأعمال الجادة على ملامسة حاجيات المواطنين عن قرب كما هو معمول به في الدول الديمقراطية الحديثة، فأحزاب الأغلية والمعارضة اليوم لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالأسباب والبنية التي أنتجت الأحزاب والمنظمات السياسية في المجتمعات الحديثة، حيث الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والقيمية المعروفة في عالم اليوم. ومن يطلع على قائمة الأحزاب المدونة في المغرب ينصدم لعددها الهائل، بينما لا يتجاوز عددها في الدول التي وصلت إلى سن التكليف الحضاري والرشد الديموقراطي الـ 7 احزاب. وهذا العدد الهائل لم يأت من فراغ، حيث تقف خلفه حزمة من العوامل والدوافع والتي تفضي في نهاية المطاف إلى تشتت الضمائر وأسس الأخلاق وضياعها ومن ثم انسيابها إلى أجواف البحث عن المصالح النفعية الذاتية لكوادر كل حزب. وفي مثل هذه الشروط غير المتوازنة ينكمش الأمل لدى المواطن المغربي في الحصول على عيش كريم بما للكرامة من معنى.
من هنا أتساءل ماذا سيقع في هذا البلد لو ألغينا هذه الأحزاب وعينا مؤسسات إدارية مع فروع جهوية وإقليمية بموظفين يشرفون على تدبير شؤون الوزارات بدل تبدير المال العام في انتخابات لا تنتج إلا حيتان جائعة تنتظر الفرصة…
{facebookpopup}