سطات.. عندما يُحاكم رُعَاع من صاحبة الجلالة رجل أعمال قبل المحكمة نفسها
إذا كان المشرع الجنائي المغربي واضحا من خلال المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، حيث قال كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا الى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، أي بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها الضمانات القانونية، حيث أن قرينة البراءة تعتبر أحد أبرز مقومات المحاكمة العادلة، التي لا يدحضها شيء سوى الحكم البات الصادر بالإدانـة، غير أن الخرجة الإعلامية المخدومة التي يتعرض لها أحد برلمانيي سطات دون احترام لخصوصية عائلته عبر نسب عدد من التهم إليه أثناء مجريات التحقيق دون العلم الجاد بكواليسه، ما يعتبر انتهاكا لسرية التحقيق من جهة وتأثيرا بطريقة أو أخرى على مخرجاته من جهة ثانية، حيث أن عددا من المنابر الصحفية زاغت عن أبجديات صاحبة الجلالة وقضت بإدانته عبر كتاباتها، قبل انتهاء التحقيق معه أو محاكمته من طرف القضاء العادل، حتى أن منهم من تحولت تغريداته الصحفية إلى نكتة مثيرة على السخرية بزعم اختلاس أرقام فلكية من الملايير وصلت يومه في أحد المقالات المهترئة إلى 145 مليار، بل منها من تجاوز اخلاقيات الصحافة ودخل في التشهير والسب والقذف بأسلوب رخيص لأسباب يعلمها بعض الساسة المنافسين في إطار “الضرب تحت الحزام”، في وقت انخرط آخرون في نفس الموجة بحثا عن “البوز” ورفع عدد المشاهدات.
إذا كان الفصل 119 من الدستور المغربي: “يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة بريئا، إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به”، والمقصود بمقرر قضائي هو الحكم الصادر عن المحكمة، أما قوة الشيء المقضي به فتعني أنه استنفذ كل صيغ الطعن حيث مر من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ومحكمة النقض إلى أن أصبح الحكم نهائيا، وعندما يصل الحكم إلى هذه المرحلة تسقط قرينة البراءة، فإن بعض المنابر الصحفية المدفوعة لم تنتظر هذه المراحل وانطلقت في سرد القصص والروايات والأساطير بعناوين تثير على الغثيان في هذا الموضوع، غير أن ما يثير الشك والريبة هو ربط رجل الأعمال المذكور في مختلف المقالات بصفته البرلمانية وانتمائه السياسي، ما يؤكد لا محالة أن الدافع سياسي وراء الحملة المغرضة التي يتعرض لها، حيث أن التحقيق معه لم يخرج عن المحكمة التجارية أي أن الأمر لا يعدو أن يكون علاقة تجارية لرجل أعمال مع أحد الزبناء أو مصادر التمويل، حيث قد تتكرر لأي رجل أعمال، فلماذا ربط ذلك بانتمائه السياسي؟ حيث أن منهم من توقع سقوط مقعده البرلماني وإعادة الانتخابات ما يفيد نفس الشبهة ويؤكد الشكوك السابقة، في وقت نسي أو تناسى أصحاب العقول الضيقة من كتبة هذه النشرات أن القانون لا يتضمن أي إشارة بذلك، فحتى لو تأكدت إدانته فإن الذي يليه مباشرة في لائحة الترشيح سيتحمل وزر المقعد البرلماني دون اللجوء إلى الانتخابات.
الحديث عن الانتخابات بات حديث الألسن في مجالس السطاتيين بعدما تناهى إلى مسامعهم إمكانية إعادة أحد المقاعد بناء على طعن سياسي مرصوص في مواجهة أحد نواب الأمة، حيث بات الجميع يتابعون عن كثب آخر مستجدات المحكمة الدستورية، الشيء الذي يرجح أن الخرجة المهزوزة والمدفوعة في مواجهة رجل الأعمال المذكور ليست إلا رقصة الديك المذبوح، حيث أن رجل الأعمال السالف ذكره غير بوصلة السياسة بإقليم سطات في ظرف وجيز عبر استئصاله لعدد من الأحزاب من داخل قلاعها السياسية وتسيد النتائج كبديل لها، حيث حصل على ما يقارب 32360 صوتا في الانتخابات الأخيرة التي جرت يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، دون أن يغطي مختلف تراب الإقليم.
فدون الخوض في تفاصيل ومكونات الملف المعروض أمام المحكمة، احتراما لقرينة البراءة من جهة والمحاكمة العادلة من جهة ثانية، فإن الموضوع من حيث الشكل يفتح أكثر من علامة استفهام، من قبيل: إذا كان رجل الأعمال المذكور فعلا متورطا في المنسوب إليه، فلماذا تم انتظار فوزه السياسي بعروس الشاوية؟ لماذا يتم اقحام حزب الاتحاد الدستوري في المقالات الصحفية؟ لماذا يتم اقحام صفته البرلمانية وتكرارها في فقرات المقالات الصحفية؟ لماذا يتم عرض الموضوع وربطه بنتائج الانتخابات الثلاثية الأخيرة؟
يتبع…