سطات.. حتى أنت يا بروتس !!
حال مدينة سطات لم يعد يسر حبيبا ولا عدوا منذ سنوات، لكن الأسوأ هو ما نعيشه اليوم، حيث تقف مدينة “سيدي لغنيمي” برمتها على حافة الإفلاس، نظرا لعدم معرفة واستشراف هوية حقيقية للمدينة واعتماد اقتصادها على قطاعات مؤقتة يبقى أهمها الرواج التجاري الموسمي لطلبة جامعة الحسن الأول.
ولأن عروس الشاوية أبتليت بمسؤولين زادهم الفكري على المقاس، فمن غير المقبول انتظار طفرة أو معجزة، اللهم البكاء على أطلال الماضي المجيد، حيث لأول مرة نجد ساكنة مدينة يحنون لماضيها عوض حاضرها المظلم ومستقبلها المجهول.
يا سادتي الكرام؛
حديثنا على الماضي يجرني إلى المثل الشعبي “بارك بارك خود عمتك”، حيث تذكرت المأثورة وأنا أتابع، هذه الأيام، “تحركات” عدد من المؤسسات العمومية بمدينة سطات في “كل الاتجاهات” لإقناعنا بجدوى ضرورة توفير مسلك وقنوات للربط بشبكة التطهير لفائدة أحد المستثمرين الخواص بجانب جامعة الحسن الأول، أحار فعلا، وأنا أرى كيف ترك عدد من المسؤولين كل مهامهم ومسؤولياتهم “تقريبا”، وتفرغوا إلى هذا المشروع الذي تحول إلى حديث مجالس مقاهي المدينة، خصوصا أن “العمة” هنا وفق المثل الشعبي السالف ذكره هو رسم عقاري محفظ في ملكية شركة الشاب أمين السلاوي الذي ليس إلا نجل الأستاذ الراحل “الفاسي”.
صدقا يا سادتي الكرام؛
تابع ولا زال يتابع الرأي العام، منذ أسابيع، مسلسل قصة الحي الجامعي والطريق أو بالأحرى قصة الحي الجامعي الخاص و”قادوس” واد الحار، القصة التي سخرت فيها عدد من مؤسسات الدولة مختلف أساليبها لتحويل أحد المستثمرين الشباب إلى رهينة يدفع فدية قسط من رسمه العقاري مقابل إطلاق سراحه، حيث تعددت مظاهر أنواع الشطط في مواجهته، بل شكل الموضوع في بعض محطاته مذبحة لدولة الحق والقانون، في وقت أن من يريد عزل هذا الحادث عن سياقه وربطه بأحداث هامشية، فهذه مشكلته، لكن الشطط هو هو، بينما الرسم العقاري مطهر بفعل تسجيله وتحفيظه، أحب من أحب وأبى من أبى أو كما يقول أشقائنا الفراعنة في مصر “حطو في بطنكم بطيخة صيفي”.
سادتي الكرام؛
وجهة الإبهار في هذا الموضوع منذ بدايته إلى حدود كتابة هذه الأسطر، هو ما قام به الشاب أمين السلاوي نجل “الفاسي”، الذي ورث سر والده الراحل عبد السلام السلاوي، وتقلد منه الحكمة والفطنة ورصعها بتجربته الثقافية المتحضرة في المدرسة الأمريكية، ليجعلها نبراسا له في هذا الملف، جاعلا من رؤيته الثاقبة الاستباقية تتجاوز بسنوات ضوئية الحس التدليسي لعدد من المتدخلين في هذا الملف، ما جعل مختلف القرارات المخدومة المتخذة في حق مشروعه المرخص، خارية “محطمة” الدفوع الشكلية والموضوعية والقانونية.
سادتي الكرام؛
إن مجرد التفكير في خلاص محتمل قريباً لمشروع الحي الجامعي الخاص، يبقى أضغاث أحلام، خصوصا أن العد التنازلي تسارعت خطاه، وتكاثرت تزامنا معه عدد من التحركات بطعم المناورات…
من حيث المبدأ، يجب التوقّف عند بضع مسائل أساسية يبقى أهمها تجهيز البنية التحتية، حيث يبقى التحدي الأكبر الآن في هذا المشروع، عقب شبه إتمام للواجهة المعمارية، هو المطابقة التقنية التي تقتضي توفير “الربط بشبكة التطهير”، والتي لا يمكن ان تتحقق علميا وتقنيا في مختلف منابع الربط بالجوار، لأن قطر القنوات المجاورة لا يتجاوز 400 ملم، ما لا يمكن أن يحظى بشهادة المطابقة أو شهادة السكن، الشيء الذي يجعل الرسم العقاري لشركة بوعبيد الشرقي الملاذ الوحيد والفريد أو بمثابة الحلقة المفقودة لتوفره على قنوات بقطر 800 ملم.
سادتي الكرام؛
حلقة أخرى في هذا المسلسل تتأتى من خلال محاولة توظيف وتسخير أهل الجوار في هذا النزاع القانوني، للمطالبة بحق المرور في وقت يتوفرون على منافذ في اتجاه تجزئة المنظر الجميل، ما يجعل مزاعمهم عارية الصحة، في وقت أن تكرار الخرجات غير المسؤولة للقائدة التي تدخل المنطقة ضمن نفوذ تدبيرها الترابي، تشبه إلى حد ما “نطحة” زيد الدين زيدان في مونديال ألمانيا 2006 الموجهة إلى اللاعب الإيطالي ماركو ماتيرازي، ليختم مسيرته الكروية بوصمة عار، ما يجعل لجنة وزارة الداخلية التي حلت بملحقتها في إطار المهام التفتيشية أياما قبل الحركة الانتقالية لرجال السلطة، قادرة على الوقوف على إساءتها لاستخدام سلطتها، وكسر التقاليد والقواعد التي وحدتها القوانين على مدى أجيال في محاولة ربما لتوريط رؤسائها أو خلفها قبل رحيلها عن المدينة.
سادتي الكرام؛
ما يوحي على الاستغراب هو اعتماد القائدة في احد خرجاتها على “نسخة ملتقطة من غوغل” لتبرير تواجد طريق بالرسم العقاري المحفظ المراد الاستيلاء على جزء منه، علما أن محرك “غوغل ماب” إلى حدود الأمس لم يكن يعترف بمغربية الصحراء مالا يجعله مرجعا أو سندا قانونيا في المغرب، يضاف أنه بالرجوع لنفس المحرك أو لخرائط طبوغرافية للمنطقة ليلاحظ بالعين المجردة فقهاء الوكالة الحضرية وعلماء وكالة الحوض المائي لأبي رقراق الشاوية وأساتذة التعمير بالشباك الوحيد تواجد عدد من المسيلات (خذاة) الموسمية في المنحدر الوقع بالرسم العقاري للمشروع الفاصل بين تجزئة المنظر وموقع ناطحات سحاب المشروع، ما يقتضي مراجعة لقانون الماء 10-95 الذي تم تحيينه بالقانون 36-15.
صدقا يا سادة؛
الضحية الوحيد هنا هو المستثمر القادم من طنجة، الذي وجد نفسه بين المطرقة والسندان، بين وعود بالسهر على تدليل مختلف العقبات أمام مشروعه وسندان احتمال عدم أداء المشروع لوظيفته لعدم توفر المطابقة التقنية المتمثلة خصوصا في الربط بالتطهير.
سادتي الكرام؛
إن الثقة التي ترجمها لقاء المامونية بمراكش مطلع السنة الجارية، وتم الاتفاق على مخرجاته في منتجع أكادير، سرعان ما خارت أمام حقيقة الميدان في القطب الجامعي بمدينة سطات، ما يحيلنا إلى القصة الرومانية التي شكلت موضوع المسرحية الشهيرة لوليام شكسير المعروفة بالمأثورة “حتى أنت يا بروتس..”، التي شكلت صرخة طعنة الخيانة.
على سبيل الختم يا سادة؛
يمكن اعتبار الرسم العقاري المحفظ لشركة بوعبيد الشرقي بمثابة “الجوكير” الذي سيغير قواعد اللعبة في أي لحظة، غير أن هوية وطبيعة المتفاوضين من ستتحكم في الملف الذي يمكن اعتباره السهل الممتنع، في إحالة طبعا إلى قصة المغرب مع أنبوب الغاز النيجيري القادم من افريقيا إلى أوروبا عبر ترابه، الذي جعله المغرب مطية لدفع مختلف قادة دول أوروبا وافريقيا للاعتراف بمغربية الصحراء.
يتبع…