سكان سطات، أبشروا.. لا أمل.. ولا تستغربوا إذا لاحظتم اختفاء منتخبيكم
عادة ما تختفي القطط يوم عيد الأضحى من المنازل، وقد ظل هذا لغزا محيرا لعدة سنوات، وعندما كنا نسأل المسنين عن السبب كانوا يقولون أن القطط تذهب إلى الحج في هذا اليوم، والحال أن هذه الظاهرة لذيها تفسير علمي يرتبط بارتفاع نسبة الأدرينالين الحيواني في الهواء بسبب الهلع الذي يصيب الخرفان ساعة الذبح، إذ لا يحترم كثيرون السنة النبوية في هذا الباب والتي تحث على إخفاء السكين عن الأضحية وعدم ذبح خروف أمام خروف آخر، حيث أن القطط بحاسة شمها الدقيقة تستشعر بسبب الهواء المشبع بالأدرينالين أن خطرا يحدق بها فتبحث عن أمكنة للاختباء فيها إلى أن تزول هذه الرائحة من الهواء والتي بزوالها يزول إحساسها الغريزي بالخطر.
على نفس المنوال، أو كما يردده عصام الشوالي ورؤوف خليف “شد شد.. ميسي هرب…، تتكرر ظاهرة فرار أو اختفاء منتخبي جماعة سطات على غرار باقي الاستحقاقات الانتخابية الماضية، مباشرة بعد اعلان السلطة الإقليمية قرار عاملي عدد 997 بتاريخ 17 أكتوبر الجاري يقضي بفتح باب الترشيح لرئاسة جماعة سطات، وذلك خلال الفترة الممتدة من يوم أمس الجمعة 18 أكتوبر إلى غاية يوم الثلاثاء 22 أكتوبر، والآن وأنا أخط هذه الكلمات في افتتاحية سكوب ماروك يتسائل سكان مدينة 160 ألف نسمة عن لغز اختفاء حوالي 33 مستشارة ومستشار، الذين صوتت عليهم ساكنة سطات في انتخابات 8 شتنبر 2021، والذين تبخروا فجأة وأغلقوا هواتفهم ولا يعرف أحد وجهتهم وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم.
التفسير العلمي والمنطقي الوحيد لهذه الظاهرة هو أن هذا الاحتجاز الطوعي هو الطريقة الوحيدة لدى الطامعين في رئاسة المجلس لتحقيق هدف “الرئاسة” وضمان عدم تقديم عروض أفضل من أحد محترفي أو سماسرة الانتخابات.
يا سادتي الكرام؛
حديثنا عن سماسرة الانتخابات، سيجرنا لا محالة إلى بعض الانتهازيين منهم من الداخل وآخرون من خارج اللعبة السياسية، الذي يحاولون تعبيد الطريق لهذا أو تلك وفق الهدف المنشود، فهذا يحاول بشكل مهزوز رد الاعتبار لنفسه عبر طعنة غادرة إلى السلطة الإقليمية متمثلة في عامل إقليم سطات، عبر إدارة بعض الساسة خارج توجهاته، ولو اقتضى الحال وضع مدينة بساكنتها وساستها على فوهة مدفع في سبيل الوصول إلى مآربه المعروفة لدى ندمائه في جلساته المختمرة، ونفسه يحاول توجيه صفعة للتحالف الحكومي وعلى رأسه حزب الميزان، الذي يعتبره تخلى على أحد كوادره ولم يكن السند الكافي لمؤازرة صديق الأمس أثناء تحريك مسطرة عزله، وآخر يحاول بسط الطريق لتحويل مستعمرة جماعية إلى ضيعة خاصة، وآخر يبسط خطته لنيل تراخيصه التي ظلت عالقة لمدة، وآخر يركب على الموج للظهور أمام الدولة العميقة بثوب المارد الذي تمكن من إذابة حزب المصباح وسط كومة التحالف الحكومي، على غرار ما وقع في الغرفة الثانية لمجلس النواب، وآخر باع مبادئه إن كان يتوفر عليها أصلا تحت الطاولة وجر ورائه غلمانه، وآخرون يجرون وراء تعبيد الطريق لتوسيع دائرة مشاريعهم العقارية، وآخرون يحاولون مواصلة ضمان دخلهم الشهري من مالية جماعة سطات تارة وبطرق ملتوية تارة أخرى….وآخر…وآخر….
سادتي الكرام؛
إن ما يقع هذه الأيام بسطات، ظاهرة تجاوزت معرفة الخوارزميات والألغوريثمات ومنطق الاحتمال الرياضي، إلى منطق تحكمه ماكينات انتخابية، أبانت في أكثر من مرة أنها قادرة على خلق الفارق، سواء بتوظيف أموالها أو بتوظيف مكرها السياسي أو عن طريق لوبي يدير ساسة المدينة من وراء الستار خدمة لأجنداتهم الاقتصادية والتجارية.
سادتي الكرام؛
ولأن الخط التحريري لجريدة سكوب ماروك عودكم على ثقل النقاشات القانونية، إيمانا بالمثل الفرنسي Le diable se cache dans les détails، لأننا نفتح قوسا قانونيا جديدا، يتمثل في ظروف وكواليس القرار العاملي عدد 997 بتاريخ 17 أكتوبر الجاري، القاضي بفتح باب الترشيح لرئاسة جماعة سطات، دون أن يسبقه حل المجلس بعد عزل الرئيس وفق مضمون فصول القانون التنظيمي للجماعات، حيث من المنتظر أن يتم التصويت على مكتب جديد من رئيس ونواب، فوق مجلس يتكون من رئيس بالنيابة ونواب لا زالوا يمارسون مهامهم لحدود كتابة الأسطر، نظير عدم توصلهم بأية وثيقة رسمية تفيد وقف مهامهم وحل المجلس.
صدقا يا سادة، لو كان المنتخبون المختبئون، يتمتعون بقسط من المبادئ والأخلاق والشيم السياسية للبثوا بمواقعهم، لأنهم سيكونون على وعي وثقة أن مواقفهم واضحة، لا يمكن ان تتأثر بإغراءات مادية أو معنوية، إلا أن اختفائهم بهذه الطريقة البئيسة يستشف منه أن مواقفهم مهزوزة تتأرجح تحت العرض والطلب.
سادتي الكرام؛
في خضم هذا التسابق المحتدم على كرسي الرئاسة بمجلس جماعة سطات، يتجلى مشهد سياسي يبدو أقرب إلى لعبة مصالح تتداخل فيها الأهواء الفردية والرغبات الشخصية، أكثر مما تُحركه غايات النفع العام أو رفعة المدينة. إن هؤلاء الـ 33 مستشارًا ومستشارة، الذين يدورون في فلك حساباتهم الضيقة، قد اختزلوا السياسة إلى مجرد معادلة مكاسب آنية، ونسوا – أو تناسوا – أن الكراسي التي يتنافسون عليها ليست سوى أمانة عابرة، وما تلبث أن تزول بمرور الزمن.
ففيما يفترض أن تكون هذه الساحة منبرا للفكر الراقي والقرارات التي تُنير مستقبل المدينة، أضحت محض حلبة يتصارع فيها أصحاب المصالح الشخصية، مسخرين كل طاقاتهم لأجل تعزيز مواقعهم، متجاهلين أن خدمة المواطن هي الغاية الأسمى.
كم هو مأساوي أن نرى العقول تُباع وتُشترى في سوق النخاسة عفوا التحالفات الزائفة، حيث تتبدل الوجوه والشعارات، لكن يظل القاسم المشترك هو غياب الإحساس بالمسؤولية تجاه من ائتمنهم الشعب على مصيره. ويبقى السؤال قائماً: إلى متى سيظل هؤلاء الأسرى في قبضة طموحاتهم الضيقة، يغفلون عن الحقيقة الأبدية، بأن السلطة عابرة، أما الأثر فيظل خالدًا.
في الختام، سكان جماعة سطات، أبشروا.. لا أمل.. ولا تستغربوا إذا لاحظتم اختفاء مستشاريكم، فالأمر لا يعدو أن يكون اختفاء غير قسري أملته الضرورة السياسية، فأغلبهم لا يستطيعون الظهور للعلن، قبل موعد التصويت على رئيس او رئيسة جماعة سطات.