الليلة التي بكت فيها مدينة سطات…
مشاهد مأساوية اتذكرها عندما سالت الدموع فوق جفون جذران حي البطوار خاصة ومدينة سطات عامة، حزن عميق في لحظة متشحة بالسواد، والحزينة برحيل ابن الحي وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري في سنة 2007، فإنه وبرحيله في هذه الظروف يكون الوطن والعملية التنموية بمدينة سطات قد افتقدت لعقلية فذة، وشخصية سياسية محنكة عرفت بحرصها الدائم على الجمع بين الواقعية والطموح، وبين الوفاء لنضالات الأجيال السابقة ومتطلبات الأجيال اللاحقة، تعرض للانتقاد واللعن من قبل أفواه لطالما جالسته واستفادت من علاقاته والامتيازات التي كان يسخرها خدمة لتنمية مسقط رأسه، مؤمنا أن مدينته وحي البطوار سيلبسان السواد بعد رحيله، لأنه كان يعي بتجربته أن الكلاب لا تعيش إلا على فتات الذئاب أو الجيفة.
حكاية تلخص الواقع الدراماتولوجي لرحيل من نصب نفسه رئيس للمجلس الجماعي والإقليمي والجهوي لمدينة سطات وكان يقوم أدوار مجالس بعينها، فحي البطوار أو المجازر عرف عملية تبليط بالمكعبات في وقت لا زالت باقي أحياء سطات بالإسفلت، تجاوره بحيرة لطالما شكلت منتزها يستقطب الوفود والزوار من كل حدب وصوب قبل أن تتحول أدوارها مع مرور المجالس المنتخبة إلى أن وصلت لدور زريبة لإيواء الحيوانات من الدواب والكلاب الضالة والمتسكعين في مجلسنا الحالي…
مدينة سطات التي تغنى بها الفنانون في جمالها ورونقها ونظافتها وبنياتها من كهربة وطرق تلبس السواد بعد رحيله معلنة خروجها قسرا من خريطة المغرب التنموية. أما المجالس البلدية المتعاقبة فقد افتقدت للإرادة الحقيقية للإصلاح حتى وصلنا إلى أن نسمع في حاضرنا ان المجلس مخصص لتدبير أحياء دون غيرها ولكم في قراءة هذه الجملة ألف معنى ومعنى، فدفة سفينة مدبري المدينة بتحالف هش كل عناصر الانسجام والتواصل به غائبة وربان السفينة تائه بين الإستجابة للطلبات المتزايدة لإخوانه أو السهر على تفعيل ما تعلمه في مسيرته التدبيرية. اما المعارضة فحديث ولا حرج في وقت تسللوا لكراسي يتسابقون عليها قبل ان يغادروها الواحد تلو الآخر ناهجين سياسة المقاعد الفارغة.
يا سادة، هزال المجلس ومرضه المزمن يسير بالمدينة نحو الشلل إن لم نقل أن المدينة باتت مشلولة في كافة مناحيها، فحالة العطب هذه والموت الموقوف التنفيذ ساهما في خلق فوضى وعشوائية في التسيير، وانعكس سلبا على مجلس بلدي يفتقد إلى الفاعلية في ظل غياب تصور تنموي علمي، ما يستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المسؤولة وطنيا وجهويا وإقليميا لتشريح مواطن خلله والوقوف عن كثب على أعطابه القاتلة التي يكتوي من نارها مواطنون بسطاء يتطلعون إلى غد أفضل ويمنون النفس برؤية مدينتهم وقد طردت عنها لعنة التهميش والهشاشة وحظيت بنصيبها من التنمية، اللهم بعض المبادرات المتفرقة التي يقوم بها المجلس الإقليمي للمدينة أو بتمويل من الفائض المالي الذي ورثثه المدينة عن تقسيم جهة الشاوية ورديغة سابقا بعد التحاق سطات بجهة البيضاء سطات.
وأمام غياب أي خطوة رسمية من هذا القبيل للإصلاح، أقول لمستشاري مجلسنا البلدي الموقر أغلبية ومعارضة:إذا كنتم ترون أنكم عاجزون عن توفير إنارة عمومية في المستوى، تكسية الحفر التي أثقلت الشوارع والأزقة، تهيئة حدائق في كل الأحياء وليس أحياء دون غيرها، تحرير الملك العمومي، تجفيف المدينة من مظاهر البداوة المتجلية في الدواب والكلاب الضالة، توفير منطقة صناعية كفيلة بخلق مناصب شغل لأبناء المدينة…. فلماذا لا تريحوا وتستريحوا بإعلان استقالة جماعية من المجلس والإفراج عن شهادة وفاته من الرفوف المغبرة، أم أنكم ملتزمون مع بعضكم البعض بزواج كاثوليكي يبيح الخيانة والتخوين والقذف والهجر والاستهانة بالواجب، ويحظر بالبات والمطلق فكرة الانفصال عن الكرسي لأسباب يعلمها العام والخاص؟؟؟