العلبة الصوتية لمخاطبكم مملوءة عن آخرها..

العلبة الصوتية لمخاطبكم مملوءة عن آخرها..

إن الحرب على الفساد، ينبغي أيضا أن تشمل "مسامر الميدة" الذين يحتلون كراسي دون الجلوس عليها، بالرغم من نشر العديد من المقالات وتقديم جحافل من التصريحات على قنوات إذاعية حول غيابهم المتكرر عن مكاتبهم وهاتف خدمتهم الذي يتغنى بجملة آلفها العادي والبادي من المسؤولين والمواطنين وهي "العلبة الصوتية لمخاطبكم مملوءة عن آخرها.."، يجب أن يفهم الرأي العام كيف نخر سرطان الفساد العديد من المدن وعروس الشاوية نموذج حي حتى ورمت جل مصالح مؤسستها المشلولة، في الضفة الأخرى تتكرر خرجات المسؤول الهلامي عن هذه المؤسسة الضبابية للدفاع عن هذه المؤسسة بأساليب مختلفة بين تكميم أفواه بعض ممارسي الصحافة والدفع بهم للقضاء وآخرون من منتسبيها استغل فقرهم ليتحولوا إلى بوق لتمجيد سوء تدبيره في حين من سلم منهم من المواطنين يتعرض للسب والضرب من طرف بلطجية قدم لهم خدمات، أما الجمعيات الرافضة للتحول إلى "براح" يتم تمزيق ملف منحها وتعطيل مشاريعها…

فمن غير المعقول أن يحاول المسؤول المخلوع نسبة إلى "الخلعة" ونسبة إلى "الإقالة" على اعتبار مصادرنا التي تؤكد وجود اسمه ضمن المعزولين من مهامهم في القريب العاجل، – يحاول- الظهور كأسد على حلقة يزعم أنها الأضعف، والتي تصنع الحدث في صمت بدون دعمه، وفي نفس الوقت يتحول نفس المسؤول الهلامي إلى فأر أمام القطط السمينة التي اغتنت وما تزال تستفيد من استشراء الفساد في مؤسسة فقدت بوصلتها. فإذا كان هاجس الجميع اليوم هو تقويم واقع التدبير، فإن تشخيص بؤر الفساد في المؤسسة المشلولة وتطهيرها هي أولى الأولويات، قبل الحديث من خلال تصريحات معسولة عن المناهج والشراكات ومشاريع المؤسسات وتبني حصيلة مؤسسات أخرى لنسبها لمؤسسته وغيرها.

ولأن المواضيع التي نعالجها نملك عليها أدلة كثيرة نشرناها مرارا، فإنه لم تمر إلا أيام قليلة على ما ذكرنا، حتى أتت الأدلة لكل من في "كرشه عجينة"، وهذه المرة من عروس الشاوية، هذه العروس التي تحولت إلى أرملة التي أبتليت بمسؤول يتفاخر بحصيلة مؤسسات أخرى، إذ يتغنى على أحد المواقع الإلكترونية بتبليط الأزقة بالمربعات في حين أن أزيد من 90 بالمائة من ميزانيتها هي من دعم المبادرة الإقليمية للتنمية البشرية، نفس المسؤول الهلامي أطرب أذان مستمعي أحد القنوات الإذاعية بمركبين سوسيوثقافيين في حين أن ميزانية بنائهما من المبادرة الإقليمية للتنمية البشرية في حين تجهيزهما من تمويل التعاون الوطني…واللائحة طويلة. وفي انتظار أن يقدم للرأي العام حقيقة ما يدور في الكواليس من إرسال سماسرته لتمويه المواطنين أن هذه المشاريع من إنجاز المسؤول الهلامي، سيكون عليه أيضا أن يكشف الحقائق المتعلق بتحويل بقع خاصة بالفيلات إلا بقع لعمارات من أربع طوابق وبتحويل منازل من طابقين إلى 3 طوابق ومن مساحة خضراء إلى تجمع سكني…فالمسؤول المخلوع بصفته متخصصا في التعمير نظرا للتجربة التي راكمها كرئيس لجنة نفس التخصص ومستثمرا في هذا القطاع المربح بخلق شركة في نفس التخصص قبل آن يكون مسؤولا هلاميا، كانت الأحرى أن تنفعه خبرته التعميرية لتمكنه من أن يعرف حجم التلاعبات التي أقدم عليها بارونات العقار الذين حولوا العروس إلى علب اسمنتية، أم أن شخصيته تهاوت وسال لعابه أمام أباطرة التعمير الذين وفر لتجمعاتهم الإسمنتية إنارة متميزة تجلب لهم الزبناء لاقتناء بقع بها ومكنهم من نصب لافتات في كل شوارع المدينة بعيدا عن القانون الذي يدل على وجود شركة مفوض لها بالأمر.

إننا لا نتهم أحدا، ولكن نطالب فقط بأن يكون المسؤول المخلوع في مستوى خطاب الشفافية الذي اعتمد عليه في حربه على بعض الأبناء البررة لعروس الشاوية الذين يتركون إنجازاتهم تتحدث عنهم. فالأشباح الذين ينخرون ثلثي ميزانية المؤسسة المشلولة ينبغي تأديبهم، والمسؤولون الذين يتلاعبون بالصفقات ينبغي، ليس فقط عزلهم، بل ومحاكمتهم أيضا، لأن المكان الطبيعي لكل المفسدين هو السجن، وليس المكاتب الباذخة وسيارات "الجيم روج" مع هاتف بالاشتراك مكافئة.

من واجبنا كمواطنين أن نتساءل لمعرفة مصير الملايين الضائعة في صفقات رقمنة الحالة المدنية وتزويدها بآلات عشعش فيها السوس والحشرات الصينية، وبالتالي يجدر بنا أن نتساءل حول من أشَّر على صفقات هذه الآليات بدون استخدامها، والأهم أيضا مساءلة الذين يسعون اليوم للاغتناء مرة أخرى من خلال خوصصة كل القطاعات ودفعها للتدبير المفوض، علما أن التجربة أبانت عن فشلها الدريع ليس بسبب الشركات ولكن لغياب تتبع وافتحاص لدفاتر التحملات…

غريب أمر هذا الزمان، حين يجدد موظف عادي أو رئيس مصلحة سيارته كل ثلاثة أشهر بخيرة أنواع السيارات ويقتني أحسن الشقق براتبه الحقيقي الزهيد في ظرف سنتين عمل داخل هذه المؤسسة العاجزة. إنها أرقام قياسية للاغتناء تقتضي ألا نمنحهم ميدالية ذهبية فقط،  بل أصفادا تقيدهم وعوض دخول كتاب غينيز للأرقام القياسية يجب أن يدخلوا إلى السجن لعدم وجود مصادر لاغتنائهم الفاضح.

وحتى لا يتم التعامل مع هذا الكلام على أنه مجرد ادعاءات بدون أدلة، نطلب من المسؤول الهلامي، من باب النزاهة طبعا أن يجيب على هذه التساؤلات في ندوة صحفية وليس في بعض مواقع الكلمات المبعثرة التي قد تتحول في أي لحظة إلى علبة صوتية رسالتها "العلبة الصوتية لمخاطبكم مملوءة عن آخرها.."

{facebookpopup}