حصيلة أم حصلة مشرفة لتدبير سطات
أن يخرج رئيس جماعة سطات بحوار على أحد المجلات الورقية، ليعرض حصيلة مفترضة لمكتبه المسير لمدة تدبير تناهز السنتين من عمله، فهذه جرأة سياسية أشهد بها لرئيس مجلسنا. مجلس مدينة سطات يعتبر وعود الإصلاح إنجازات، والنوايا استراتيجيات، ولما لا والنية أبلغ من عمل في حكم الإسلاميين، حيث اعتبر "حصلة" مجلسه عفوا حصيلة مجلسه لتدبير الشأن المحلي مشرفة.
يا سادة، أكثر المتفائلين في العالم ما كان ليتوقع ما آلت له هذه المدينة الصامدة أمام براثن التهميش في عهد ولاية هذا المجلس البلدي، حيث طاعون الحفر المترامية أتى على مجمل الطرقات فلا يسلم شارع أو زقاق من سمها، ومركز المدينة عبارة عن سوق للباعة المتجولين وأطلال المشاريع خاوية على عروشها وانتشار الدواب والعربات المجرورة بها يذكر الزائر بالقرى المغربية لسنوات السبعينات، كما أن التعمير زحف على الأخضر واليابس دون أن يوفر أدنى شروط الخدمات المتعارف عليها في قانون التعمير، فحتى الإدارة الترابية بسطات عندما عقدت العزم لإعلان سطات مدينة بدون صفيه خرج لها المجلس الجماعي من خرم سوق ماكرو مرخصا لإنشاء أزيد من 700 براكة قصديرية قرب حي البطوار، الملك الجماعي تحول إلى سلع تباع بالأقساط وتفوت لهم في كل دورة للمجلس، الباقي استخلاصه الذي يصل الملايير لا زالت خزينة الجماعة تتبرأ منه…
إنه اللون الأسود الذي يطغى على مشهد قلب المدينة والاحتجاج الصامت يكسر الهدوء الزائف وبراكين الغضب تشتعل بداخل من لا يزال يملك قلبا وإحساسا صادقا اتجاه أميرة الشاوية قادما لتفقد مسقط رأسه أو قاطنا بها، في حين تم تدجين البعض الذين سلموا ضمائرهم قربانا لجشع بعض المسؤولين.
يا سادتي الكرام، مواطني سطات اليوم لا يريدون أن يسمعوا حصيلة عن برامج مستقبلية ومخططات استراتيجية، ومخططات لإنعاش المنطقة الصناعية وتوفير فرص الشغل على الورق فقط، وحل مشكل الملك العمومي عبر توفير أقفاص للفراشة، ومحاربة الصفيح والعشوائية بإخراج تجار ماكرو لبناء المئات من أكواخهم القصديرية، المال السايب أو الباقي استخلاصه…و ….و….و…. الناس يريدون فقط في هذا الظرف أن يعرفوا لماذا يصمت المجلس البلدي لما تحولت مدينة سطات إلى "قرية سطات" أمام كل هذه الفوضى المنظمة، فالإجابة عن عن هذا اللغز الذي ليس بالعصي، قد يفتح شهية رعايا صاحب الجلالة بإقليم سطات لسماع خطاب "الحصيلة" أو "الحصلة" المشرفة، وإلا فإن الصمت حكمة، ورحم الله عبدا قال خيرا أو سكت…
يقال إن "الحر بالغمزة والعبد بالدبزة"، والغمزة هنا يا سادتي الكرام، أن حوالي 17 بالمائة فقط بالمدار الحضري لسطات هي التي خرجت للتصويت يوم الخميس الماضي في الانتخابات الجزئية بينما البقية قاطعوا الانتخابات في رسالة لساسة ومسؤولي المدينة انينهلون من خطاب العرش الأخير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي قالها علانية لأول مرة بفقدانه الثقة في الساسة والمسؤولين على غرار أبناء شعبه الوفي.. كيف يخرج المرء للتصويت وهو يعاين خطابات معسولة عن التنمية والانجازات لمسؤولي المدينة على المنابر الصحفية في حين واقع الأمر يعكس غير ذلك، فقد تتحول التصريحات إلى مستملحات "نكت" تلوكها الألسن في المقاهي والمجالس وهم يقارنون بينها وبين ما يقع في "حاضرة الشاوية".
هناك فوارق بين واجهة منمقة للزائر على طول شارع الحسن الثاني و خلفية تعيش سنوات الضياع، ولو ان سرطان التهميش انطلق في شرايين الواجهة كذلك، فقد قاومت المدينة الأبية وصمدت طويلا، لكنها في نهاية المطاف قوضت أركانها واقتلعت جذورها التاريخية فلم يكن للمدينة اليتيمة إلا أن تستسلم لأمرها المحتوم الذي قضي عليها، وآلامها تتضخم يوما بعد يوم، وجراحها غويرة، رسمت العقليات المتولية لزمام تدبير سطات على اختلاف مستوياتهم والقطاعات التي يدبرونها خدوشا عصية على الاستيعاب… واقع خاص من طراز آخر جعل المدينة تفقد كل شيء من أبسط أولويات ومقومات الحياة، لم تعد مدينة بل هي سجن معنوي ومقبرة لمن بقي من أهلها على قيد الحياة، ومن أهلها من اختار الهجرة من أجل حياة كريمة في مدن مجاورة متنكرا لأصله، ومنهم من آثرها سجنا ومقبرة له، مقبرة للجميع للصغير والكبير والشيخ والشاب والرجل والمرأة، والأمي والجاهل والعالم والمبدع في وقت جعلها بعض الساسة بقرة حلوب يغتنون على حساب آلامها وآهاتها..عن أي حصيلة مشرفة تتحدثون؟