الجزء الثالث: مشاريع تٌقَدَّم لساكنة سطات في قالب، وبعدها يطير كل شيء ويبقى القالب منصوبا
… من كل تلك الخيبات التي رافقتنا منذ الصغر، منذ مسحوا ذاكرة مدينة سطات ومحوا مجدها وحولوها لمدينة تصدر الأموال لبناء مدن أخرى وتمويل مشاريع كبرى أو إغناء مسؤولين على وشك التقاعد في نهاية مسارهم الوظيفي يتم إرسالهم لسطات لإعداد تقاعد مريح، صفقات وطلبات عروض تدفعنا للتساؤل، أين ذلك المشروع الكبير الذي رأينا تصميمه واطلعنا على تفاصيله، أين تلك الاستراتيجية وذاك المخطط الذي بشرونا بجدواه وقدرته على تحقيق نهضة اقتصادية تجعل مدينة سطات تقفز آلاف الخطوات بعد سبات وانتظار، كل تلك التصاميم وتلك الدراسات وتلك الشروحات والمعلومات والأرقام، تحولت إلى مشروع بناء رصيف وحيد، وكفى الله المؤمنين القتال، مشاريع عملاقة، تتحول إلى رصيف أقرب إلى أرصفة قرى الصيادين التي تتبرع بها اليابان لبحارتنا المساكين في إطار شراكة أكبر من الصدقة بقليل، أو نافورة تشبه إلى حد كبير ما تجود به مؤخرة بعض المسؤولين، وما دون ذلك فمؤجل إلى أجل آخر وربما سيتأجل بدون رجعة، والنتيجة انتظار جديد.
إنها المرارة التي أحس بها على غرار ساكنة المدينة وخاصة من اطلع على طلبات العروض والصفقات المعلن عنها، مرارة وغبن ذكرتنا بعدد المرات التي أصبنا فيها بخيبة الأمل في مشاريع تنموية عملاقة منها من توقف في منتصف الطريق وبقي أطلالا ومأوى للمشردين كالمسرح البلدي، وأخرى صُرفت عليها الملايين والملايير وضاعت وسط الطريق (46 مشروع تم توجيهه لوزارة الداخلية من طرف الوالي السابق محمد مفكر) ، وأخرى تم تقزيمها بإصرار غريب، ولا من تحرك أو ندد أو حتى ردد "اللهم إن هذا لمنكر"، اللهم بعض المنابر الصحفية التي حاولت إنارة شمعة في عتمة الظلام قبل أن تتذوق هي الأخرى لذة كعكة المال العمومي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتتحول هي الأخرى إلى بوق لمشاريع خاوية على عروشها.
ستة نوام برلمانيين مواليد حاجة في نفس يعقوب، نائمون في وقت ماضي وحاضر ومستقبل مدينة يضيع، وأول من سيُحاسب على ضياعها ممثلوها ونوامها وساكنتها الصامتون، لم يتحرك أحد من أجل استباق ما يخططه العارفون لمدينة تعيش تراجعا خطيرا على كل المستويات وتفريط في المكتسبات، احتياط مدينة سطات العقاري يقسم في سوق "الوزيعة"، وحدها أحلام أخرى يتم الترويج لها وكأنهم بها يصرفوننا عن هكذا ضربات تحت الحزام، لم تتحرك الأحزاب اليسارية واليمينية والوسطى، لم نسمع تنديدا من مركزيات نقابية وجمعيات مدنية ولا هيئات حقوقية، لم نقرأ بلاغات تطالب بالافتحاص وربط المسؤولية بالمحاسبة.
أما حلمنا والوعد المقدم إلينا بتحويل سطات إلى توأمة لمدينة الفجيرة بالإمارات وكذا توأمتها مع مدينة الجديدة، فذلك أمر مؤجل إلى أن يتحرك الجميع، بداية من الإدارة الترابية والبرلمانيين والمجتمع المدني والفعاليات الصحفية وصولا إلى المجلس الحضري والإقليمي من خلال دورات استثنائية تكون نقطة جدول أعمالها الوحيدة، دراسة ومناقشة أسباب تبخيس مطالب المدينة المستعجلة، وكذا النظر في طُرًق الرد على هذا التعامل الفج مع هذه المطالب التي تٌقَدَّم للساكنة في قالب، وبعدها يطير كل شيء ويبقى القالب منصوبا لكل من يحمل في نفسه شيء من حب مدينة سطات الضائعة بفعل إصرار غريب.
…يتبع…