المجتمع المدني وتحرير الملك العمومي بسطات.. من منصة للحوار إلى حبل لنشر غسيل المسؤولين
في ظل التمزق القائم بمدينة سطات نتيجة استراتيجية عمودية لم تراع أدنى شروط الشراكة والتشارك من طرف مسؤولي المدينة، أضحت عدة مشاريع أطلالا بدون روح وآخرها ما يسمى بأسواق القرب.
يتفق الشارع السطاتي على ضرورة البحث عن سبل لتحرير شوارعه ورصيفه من الباعة والفراشة ومخلفات ممارساتهم التجارية غير المهيكلة، وهو ما جاء عبر مقاربة منطادية بتنزيل أسواق للقرب لإيواء أرباب هذه التجارة غير المهيكلة بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بسطات التي لا يهمها من المشاريع إلا الأسماء والأرقام المهولة للأرصدة المحولة دون اكتراث لمدى قدرتها على تلبية احتياجات أو قبولها من طرف الفئة المستهدفة، لتبقى عبارة عن مشاريع تنزيلية، سرعان ما رفضها ممارسو الأنشطة غير المهيكلة بسطات من خلال امتناعهم عن ولوج أسواق القرب وخروجهم للشارع للاحتجاج في وقت اختار آخرون التسليم للأمر الواقع والدخول لهذه الأسواق بسبب الحملات الموسمية التي تشنها اللجن المختلطة..
مسيرات ووقفات احتجاجية واعتصامات ليلية للباعة والفراشة عجلت بضرورة البحث عن الطابور الخامس من طرف المسؤولين، لتنضج الفكرة في عين المجلس البلدي الذي قرر البحث عن هذا الطابور الذي ليس إلا المجتمع المدني وكأنه حبل لنشر غسيل استراتيجيات فاشلة نتيجة غياب تواصل ومقاربة تشاركية…فإذا كان فعلا المجلس الجماعي على غرار باقي أقرانه داخل اللجنة المختلطة من المؤسسات يؤمن حق الإيمان بالأدوار المنوطة بالمجتمع المدني دستوريا وكونيا، فلماذا لم يتم إشراك المجتمع المدني من صياغة الفكرة مرورا بالتركيب وإعداد المشروع وصولا إلى الإخراج النهائي لهذه الأسواق؟ أين كان هؤلاء المسؤولين عندما كانت تتعالى أصوات المجتمع المدني في وقفات احتجاجية وبيانات استنكارية ومقالات صحفية ومراسلات بمئات الموقعين إلى مؤسسات الدولة بالمدينة تطالب بفك العزلة وتحرير الملك العام وبثر مظاهر البداوة من عربات ودواب وفراشة وباعة و….و…و…؟؟؟
يا سادتنا من مسؤولي المدينة؛
لا تحزنوا فلسنا مثلكم ولن نكون مثلكم.. يا مسؤولي سطات لن نترككم وحدكم كما فعلتم معنا طيلة سنوات من التدبير العسير، لكن من الطبيعي أن تفرز ممارساتكم السابقة بنهج الأذن الصماء اتجاه أصواتنا هذه الحالة القائمة على شعور متنام من التذمر وفقدان الثقة في مؤسساتكم، فأنتم تحصدون اليوم ثمار عبثكم التدبيري والتملص من مهامهم حتى كبر الملف على نطاق تدخلهم لترفعوا راية الاستسلام وتطلبوا يد عون المجتمع المدني، فأين كنتم في مهد بداية تفريخ الفراشة والعربات الجائلة وتوسيع التجارة غير المهيكلة؟ أما كان عليكم التنبه مبكرا لتفشي هذه الظاهرة في مرحلة مبكرة من عمرها قبل أن تزدهر، فتتغلغل عميقا في شوارع وساحات المدينة؟
موقفكم العاجز يا سادتنا من مسؤولي سطات، لا ولن نعتبره مسكنات مؤقتة تثير في نفوسنا نشوة الانتصار بعدما ظهر عليكم العجز وأحاط بكم الفشل، لأن بمدينة سطات نبلاء وأبرار بمدينتهم ليس لديهم الوقت لتبادل الاتهامات، فيتحول موضوع عجزكم إلى قناة انتقامية منهم، وساحة لتصفية الخلافات الفردية والجماعية، بدلا من كونه حاضنة وانطلاقة لبداية بناء علاقة جديدة مبنية على الصراحة وصهر الخلافات والتشارك بما تحمل الكلمة من معنى خدمة للمصلحة العامة بمدينتنا والسير بقاطرتها التنموية، مؤمنين انكم ربما يوما ما ستستيقظون من جديد وتقومون بتحرير رصيف سطات بما للكلمة من معنى من احتلال ارباب المقاهي والمتاجر والمطاعم وجعل محتلي الملك العمومي بالمدينة سواسية أمام القانون، ومن هنا سنعبر عن حسن نيتنا ونقول:
يا سادة سطات الكرام؛
عبروا عن رقي مستواكم الفكري والحضاري وبادروا بمقاطعة التبضع من البائعين الجائلين والفراشة المحتلين للملك العمومي من أجل المساهمة في ردعهم على التمادي في استغلال الملك العمومي والساحات العامة بشكل عشوائي لا يحترم القانون وباقي المجتمع، خاصة لما يخلفونه من أزبال وراء تجارتهم، وما يقومون به من عرقلة للسير والجولان، لذلك اتجهوا أيها المواطنون الكرام نحو أسواق القرب وشجعوا تجارها وكونوا خير نموذج لمواطن حضاري راقي في فكره وممارساته