مقتل الشاب “محمد علي” .. جرح في قلب المجتمع
ليلة حزينة عاشتها مدينة سطات، وهي تودع أحد براعمها بعد ضربة سكين غادرة سرقت أغلى ما يملكه، رحل الشاب الطيب "علي" دي السبعة عشر ربيعا في بغثة من الجميع وفي غفلة عن الجميع، كان يتهيأ بنشاط لاجتياز امتحانات الباكالوريا لكن القدر لم يمهله وأعلن نهاية رحلته القصيرة في الحياة.
من قتل علي ؟ … بعيدا عن محاضر الضابطة القضائية التي استلمت التحقيق، وبغض النظر عن اعترافات خال الراحل بتنفيذ الجريمة، وبعيدا عن كل ما قد يعتبر أسباب فورية للحادث الأليم. أليس من الطبيعي طرح سيناريوهات أخرى وإدخال آخرين لقفص الاتهام ؟ ..
أتهم .. أنا أتهم ..
لا يخفى على أحد بأن منسوب العنف ارتفع بشكل مهول داخل كل فئات المجتمع، وإذا كان المجتمع اليوم قد أصبح يتعايش بأريحية مع العنف اللفظي، حتى أضحينا لا نعير انتباها لشتيمة أو تهديد داخل المدرسة أو الشارع أو مكان العمل أو حتى البيت، وكأن هذا العنف طبيعي بل ومطلوب من أجل الاستمرار في الحياة، فلا أحد ينتبه إلى أن ذلك فقط مقدمة ومدخل لعنف مادي قد يتخذ بسهولة لبوس الجرائم بكل أصنافها.
يخبرنا علماء الاجتماع بأن "جرائم العنف التي فرضت نفسها علي المجتمع في الآونة الأخيرة ليست ظواهر حديثة ولكنها موجودة من قديم الازل منذ زمن قابيل وهابيل، فالعنف سلوك اجتماعي موجود لدي أي شخص ولكن التغبير عنه يختلف من شخص لآخر ولا يوجد شخص عدواني بطبعة ولكن الظروف هي التي تجعله عدوانيا ولكن جرائم القتل اصبحت اشد بشاعة في الآونة الأخيرة لان السلبيات داخل المجتمع تفوق الايجابيات بكثير وأهمها الوضع الاقتصادي السييء والبطالة وافلام العنف والرعب التي تبثها القنوات التليفزيونية وتلك الافلام تغرس السلوك العدواني في النفوس وتدفع إلي التقليد والمغامرة بالاضافة إلي الادمان بكل اشكاله، فقد انتشرت في المجتمع انواع من المخدرات رخيصة الثمن ولكنها تذهب العقول وتسيطر بشكل أكثر بشاعة علي متعاطيها وتجعله يرتكب اي عمل اجرامي تحت تأثيرها بالاضافة إلي العنف الطبقي الموجود داخل المجتمع ودائما ينظر الفقير إلي الغني وتختلف النظرة من شخص لآخر فالانسان السوي ينظر بتمني وغير السوي ينظر بكراهية وحقد ورغبة في الزوال ويضطر إلي ارتكاب جريمة قتل لاطفاء نيران الحقد المتوهجه في صدره"
طيب، حين نعلم جميعا بان هذا العنف أًصبح يزحف بقوة لاقتلاع المستقبل من جدوره، ويحصد أرواح ويتسبب في عاهات، ألا يمكننا أن نتهم بشكل مباشر سلوكات عجزت المدرسة والبيت عن تقويمها، ألا نعتقد بأن الوقت حان لكي نتحمل جميعنا كل من موقعه مسؤوليته في إعادة الهدوء لنفوس أفراد المجتمع.
المهمة صعبة للغاية لأن المتحكم فيها يتداخل بين الاجتماعي والتربوي والاقتصادي، بالأمني ، لكن الكلفة الغالية للوضع الحالي تفرض علينا المزيد من العمل لأن الخصم هذه المرة يتربص بالأعمدة التي يقوم عليها المجتمع.
حضرت بعد منتصف ليلة الحادثة لمستشفى الحسن الثاني بسطات، فرأيت نحيب زملاء الراحل بعد تأكد خبر وفاته، سمعت صراخهم وبكاءهم الهستيري حرقة على زميل لهم يكنون له الحب والاحترام، ورأيت في أعينهم حقدا على عنف اقتلع من بينهم صديقا وأخا وزميلا، علمت وتأكدت بأنهم أيضا يتهمون فوضى وعنف هذا المجتمع والذي يتربص بهم وبنا..
أيها المجتمع الذي يحضننا ونحضنه يؤثر فينا ونؤثر فيه .. هدوء من فضلك فلم يعد لنا الكثير من الأزهار التي نقدمها لمزاجك السيئ..
رحم الله "علي" وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون
نافذة:
الكثير من ردود الأفعال التي توصلت بها خلال اليومين الأخيرين حول موضوع مقالتي السابقة "من كان منكم بلا خطيئة فليضرب سطات بحجر" أشكر الجميع، وأعيد التأكيد على أن الآخر الذي وصفني البعض بالتجني عليه، هو أنا وأنت هو المسؤول السياسي وهو المسؤول الإداري، هو نحن جميعا ولا بأس من القيام في بعد المرات بنقد ذاتي حتى ولوكان قاسيا .. شكرا لدعمكم