ربورطاج: مدينة البروج بإقليم سطات تحير العالم و”تدوخ” الأنتربول لهذه الأسباب

ربورطاج: مدينة البروج بإقليم سطات تحير العالم و”تدوخ” الأنتربول لهذه الأسباب

البروج مدينة صغيرة تقع على بعد  70 كيلومترا جنوب سطات، هي عاصمة قبائل بني مسكين، تعداد سكانها يقارب 22 ألف مواطن، ما يميزها أنها مدينة المهاجرين بامتياز، إحصائيات غير رسمية  أكدت أن أكثر من نصف سكانها مهاجرون، إذ لا يمكن أن تصادف أسرة بالمدينة لا يوجد من بين أفرادها أكثر من مهاجر، الأمر الذي أثر بشكل كبير على أنماط العيش داخلها.

ما زال الطابع القروي حاضرا من خلال الاهتمام بالزراعة وتربية المواشي، لكن مشاهد السيارات الفارهة والمرقمة بالخارج التي تقطع طرقاتها بشكل لافت، والمنازل العصرية التي تم تشييدها، وبعض المعاملات التجارية التي تتم بالعملات الأجنبية، تعبر بوضوح عن مدينة مغربية بقشرة أوربية، لا تبذل مجهودا لإخفاء آثار أزمة دخلت بيوت أهلها دون استئذان.

عجلة التنمية متوقفة بشكل كامل داخل هذه المدينة الوديعة، لا مصانع ولا معامل ومشاريع تنموية، اللهم مقاه بطراز أوربي متناثرة على شارعها الأوحد، تتكدس أجساد العشرات من الشباب داخلها في مشهد روتيني يعطي الانطباع بأن عجلة الزمن متوقفة هناك إلى حين.
وداعة «عاصمة بني مسكين» لا تخفي تفشي ظواهر ظلت إلى وقت قريب «محرمة» داخل نسيج قبلي محافظ، لكن الانفجار العمراني العشوائي والذي جعلها تحتل الرتبة الأولى بجهة الشاوية ورديغة (سابقا) في العشوائيات، جعل الجريمة بكافة أشكالها ومنها العابرة للقارات تجد لها مستقرا داخل بعض أحيائها.

على رادار الأنتربول

تنشط داخل «البروج» تجارة السيارات المستوردة من الخارج، ويشتغل جل المهاجرين الذين ينتمون إليها في هذه التجارة، والتي كانت في ما سبق دجاجة تبيض ذهبا قبل دخول إجراءات منع تعشير السيارات التي يقل عمرها عن خمس سنوات. الإجراء دفع فئة من سكان المدينة إلى الاتجار في السيارات الفارهة، وهو ما طرح تحديا أمنيا حقيقيا مع اكتشاف دخول عدد كبير من هذه السيارات بأوراق مزورة، جعل الأنتربول يتدخل في أكثر من مرة لمتابعة ملفات سيارات مسروقة من أكبر العواصم الأوربية أوقفتها مصالح الدرك بالبروج، وكان آخرها منذ أسابيع قليلة، حجز سيارتين فارهتين بلوحات ترقيم من ألمانيا والنرويج، شكت عناصر الدرك فيهما وأخضعتهما للمراقبة لكن محاولة إرشاء رجال الدرك بمبلغ مالي كبير جدا جعلت، الشكوك تتعاظم ليتم اعتقال السائقين وحجز السيارتين وتم الانتقال إلى إحدى الضيعات فتم حجز ثماني سيارات أخرى تجاوزت قيمتها المليون أورو، ولوحات بترقيم أوربي، بتنسيق مع جهاز الأنتربول. وعند تفتيش دقيق لهذه السيارات تحت إشراف القائد الإقليمي لدرك سطات، تم العثور على بقايا من «الكوكايين» ما رجح بأن تكون هذه السيارات وسيلة لنقل جميع أنواع المخدرات.

"الفراقشية" شبح يختفي ليعود

تخوض مصالح الدرك بالبروج حربا حقيقية على عصابات سرقة المواشي المنتشرة بكثرة بالمنطقة، وإذا كانت سيناريوهات هذه السرقات التي روعت الأهالي تتشابه من تسميم للكلاب وهجوم بالأسلحة وتنكيل بالحراس، فإن توقيتها المباغت وفي أماكن متعددة، طرح باستمرار تحدي تجفيف الظاهرة من المنطقة، وآخر صولات هده العصابات الإغارة على ضيعة بـ»دوار أولاد فارس الحلة» وسرقة ما يزيد 40 رأسا بعد إحداث ثقب في الجدار الخارجي للإسطبل، وتم إيقاف أفراد العصابة وحجز شاحنة كبيرة كانت تستعمل وسيلة نقل للماشية على مشارف خريبكة.

الذبيحة السرية

توفر المدينة على أحد أكبر الأسواق بالإقليم، جعل تحدي المراقبة شبه مستحيل، بالنظر إلى غياب مكتب صحي جماعي، وغياب طبيب بلدي، ما شجع على تفشي ظاهرة الذبيحة السرية، إذ غير ما مرة تم ضبط حمولات ضخمة لكميات من اللحم، تم ذبحها بأماكن مجهولة دون احترام معايير السلامة البيطرية. وأمام هذا الأمر يضطر درك البروج للقيام بواجبات الجماعة الحضرية بالنظر إلى أن الأمر مرتبط بالسلامة الصحية للمواطنين. وحجزت عناصر المركز الترابي لدرك البروج، مارس الماضي، أطنان من اللحم كانت موجهة للبيع داخل السوق يجهل مصدرها أو المكان الذي ذبحت فيه ليتم اعتقال السائق ومرافقيه وفتح تحقيق في الموضوع.

المخدرات بكافة أنواعها

"البروج" من المدن القليلة التي بإلإمكان العثور داخلها على جميع أنواع المخدرات من الكوكايين والهيروين إلى المخدرات الصلبة و»الكيف». شساعة المنطقة وتغيير المروجين لأماكن اشتغالهم، والاعتماد على الهاتف وتقنيات الاتصال المتطورة، جعلت أمر تجفيف منبع هذه التجارة القاتلة ليس بالأمر السهل، رغم المجهودات المبذولة في هذا المجال.

ماء الحياة

تعرف المنطقة بمنازل سرية لعصر التين المجفف واستخلاص المشروب المسكر «ماء الحياة»، ورغم أن عناصر الدرك بالمنطقة تقووم بين الفينة والأخرى بمداهمات لهذه المنازل، فإن أمر القضاء عليها بشكل كامل غير ممكن، بالنظر إلى أن المعدات التي يتم الاعتماد عليها في «التعصير» في متناول الجميع، وفي كل مرة تتم مداهمة منزل يتم فتح منازل أخرى لهذا الغرض.

منطقة شاسعة بتغطية أمنية ضعيفة

تعتبر دائرة البروج أكبر دوائر إقليم سطات بعدد سكان كبير وبمساحة شاسعة تمتد من نهر أم الربيع إلى إقليم خريبكة، لكن ذلك لا يوازيه عدد كاف من عناصر الدرك والتي على قلتها تحاول تغطية كل مناطق الدائرة إضافة إلى البروج المركز، ويشتغل بسرية درك البروج 21 عنصرا فقط، يتكفلون بجميع مهام الضبط والمراقبة ومحاربة الجريمة ناهيك عن المهام الإدارية.