ربورطاج : قصة مأساوية حقيقية لأم تغتصب طفولة أبنائها بمدينة سطات بهذه الطريقة البشعة
كعادته يضطر زهير الذي لم يتجاوز ربيعه السادس إلى الاستيقاظ باكرا لاستقبال يوم جديد من أيام شهور فصل الصيف الحارقة، يتناول وجبة الفطور التي لا تتعدى كوبا من الشاي وقطعة خبز متبقية عن وجبة عشاء أمس، بالكاد يسدان رمقه ويملآن معدته الصغيرة. ينتفض بعد هذه الوجبة من دون أن يتلفظ بكلمة، يغادر حي "سيدي عبد الكريم" الموجود بمدينة سطات رفقة أمه وإخوته في انتظار رحلة تسول جديدة، مخطط لها من طرف الأم التي وزعت الأدوار بإتقان واحترافية وصرامة كبيرة.
تحتفظالأم بالرضيع الذي لم يتجاوز شهره السابع، وتكلف ابنتها فاطمة لتحمل مسؤولية مراقبة أخيها أحمد وأختها سعاد بالزنقة الذهبية الآهلة بالسكان، وتجبر زهير على التسكع وسط المدينة والوصول الى سوق الخضر"اشطيبة" و "ماكرو" الشعبي"، على أن يتفرقوا مع آذان صلاة الظهر والعصر على المساجد الموجودة بالمنطقة القريبة منهم، لاستغلال وجود المصلين خاصة في أيام السوق، ثم العودة الى مراكزهم بعد ذلك إلى أن يقترب موعد آذان صلاة المغرب. أما هي فتتكفل برضيعها متخدة من جدار إسمنتي سندا لها جالسة على مقربة من كارفور سطات تقتنص عطف الزوار بعبارة "باغا نشري الحليب لولدي"، وتقوم بين الفينة والأخرى بمراقبة أبنائها، عبر القيام بجولات تفقدية للاطمئنان على سير عمليات التسول اليومية.
خمسون درهما على الأقل هي "الكوطة" التي حددتها الأم لكل فرد من أبنائها ملزم بتحصيلها يوميا لتفادي عقوبة الشتم والضرب والحرمان من التغذية والمبيت خارج المنزل. ولتلبية رغبات الأم، يصارع زهير الزمن، مستعطفا المارة لإعطائه بعض النقود حتى يصل إلى "الكوطة" المطلوبة، ويزداد إلحاحه واستعطافه لهم مع اقتراب موعد آذان صلاة المغرب، مستخدما جميع وسائل التسول من بكاء وجمل رقيقة لاستمالة قلوبهم، تعرضه في كثير من الاحيان الى النهر والاهانة، لكنه لا يكل ولا يمل بل طور من الأساليب ما يجعله يتحصل على "الكوطة" مضاعفة أضعاف من خلال قصده لكل الثنائيات العاشقة بالحدائق مزعجا إياهم، يحاولون التخلص من عبارته "التسولية" المحرجة وخاصة الشاب المرافق للعشيقة الذي يحاول التخلص منه للانفراد بغنيمته من خلال تقديم اكثر من السعر المطلوب" بضعة دراهم" للتباهي أمام رفيقته.
يظل هؤلاء الإخوة يوما كاملا يتسولون في انتظار رحلة تسولية ليلية، تبدأ ما بعد صلاة المغرب في المقاهي والمطاعم المتراصة على طول شارع الحسن الثاني، التي تستقبل زبناء كثر يحاولون من تبعات حرارة الصيف الملتهبة بمنازلهم.
يستمر اخوة زهير في معاكسة المواطنين حتى ساعات متأخرة من الليل، ليعودوا أدراجهم منهكين، يضعون حصيلة ما جمعوه رهن إشارة أمهم، في انتظار يوم توسل جديد.
هكذا هي إذن العطلة الصيفية التي يقضيها زهير وإخوانه في مدينة سطات، تجبرهم أمهم على لعب أدوار المتسولين لتحصيل مبالغ مالية على حساب اغتصاب طفولتهم وبراءتهم، دون تحمل عناء تربيتهم وتعليمهم.
أمثال عائلة زهير كثيرون، يستغلون أبناءهم ويجبرونهم على التسول مقابل مبالغ مالية. ينحدرون من الأحياء الشعبية الموجودة بمدينة سطات ومن الدواوير المجاورة لها، مستعملين عبارات العطف والشفقة لمعاكسة المواطنين بالقرب من المساجد والمقاهي والأسواق والمخبزات والمؤسسات البنكية والإدارية لتلبية رغبات أبائهم.
تزداد معاناة هؤلاء الأطفال مع ازدياد حرارة الصيف المفرطة، التي تنهكهم وتزيد من معاناتهم ، لتلبية طلبات ابائهم. ومنهم من يضطر الى التمرد والعصيان، يفضل مغادرة بيت العائلة في اتجاه مدن كبرى كالدار البيضاء والاستقرار بها، يبيت في العراء ويتعرض أغلبهم لانحرافات خطيرة لنا عودة لها في ربورطاجات أخرى في ظل صمت المؤسسات الإجتماعية المسؤولة وفي غياب تدخل عاجل للجمعيات الحقوقية والإنسانية لمعالجة مثل هذه الظواهر.
الأسماء المذكورة في الربورطاج مستعارة لمحاولة إخفاء هوية الأطفال من طرف سكوب ماروك حماية لحقوقهم…