ربورطاج: الرصيف “الطروطوار” يستغيث بسطات.. والمسؤولون يغضون البصر عليه لأنهم لا يترجلون عن سياراتهم

ربورطاج: الرصيف “الطروطوار” يستغيث بسطات.. والمسؤولون يغضون البصر عليه لأنهم لا يترجلون عن سياراتهم

الجميع يعرف ظاهرة التصحر بالمجال القروي أو ما يعرف بزحف الرمال على المناطق الزراعية، لكن الذي لم نسمع عنه بعد هو التصحر بالمجال الحضري الذي هو زحف الكراسي على الأرصفة… إذ كلما استيقظ المواطن السطاتي من نومه في كل صباح إلا ويفاجأ بتناسل كراسي متجر أو مقهى فوق الأرصفة.

الرصيف " الطروطوار" أو الأرصفة بصيغة الجمع داخل مدينة سطات موضوع خصب وشيق يستحق التفكير و التأمل، فذلك المسلك الحضري المخصص لانتقال و سير الراجلين. والممشى الموازي لممر السيارات و المحيط به من جانبيه حيث يكون شارعا بضفتين. واحد على اليمين و آخر مقابل له على اليسار. هذا الفضاء العمومي الذي أفرزته الأزمنة الحديثة لضبط حركة السير و نقط الالتقاء و إنعاش واجهة مدينة سطات وإخفاء تجاعيدها، كما تخفي المساحيق تجاعيد امرأة ضاربة في أعماق الزمن، يطرح أكثر من تساؤل في الآونة الاخيرة بمدينة سطات.

لقد صمم الرصيف ليكون ممشى يمر الناس عليها و معبراً لتنقل ساكنة مدينة سطات.. لكن الحقيقة الفعلية المعاشة أن المواطن السطاتي أصبح يفضل إتخاد اسفلت الشوارع "الزفت" طريقا له، مزاحما السيارات في مساراتها.. لا لأنه غير متحضر يمقت السير على الأرصفة !! ولا لكونه لا يحترم القانون!! فقد رأى هذا المواطن أن تلك الأرصفة قد أصبحت محرمة عليه بعدما تملكها غيره، حيث أضحت في مجملها ملكا لأصحاب المقاهي و المحلات التجارية ناهيك عن الحفر المتناثرة هنا و هناك، وغيرها من سيارات مركونة فوقه، مما تضطرهم إلى النزول إلى الشارع وترك الأرصفة.. ، وصار من الطبيعي أن ينأى الناس عن أرصفة مختفية تحت ركام السلع والحفر التى تعدى حجمها كل الحدود، ويجعل المرور منها عسيرا بل مستحيلا في أكثر الأحيان..

هذا حال الأرصفة في الكثير من أحياء مدينة سطات، فظاهرة احتلالها والاعتداء على حقوق المشاة أضحت أمراً واقعاً وجزءاً من الحياة اليومية ومن الصعوبة التخلص منها. فأرصفة مدينة سطات إذا لم تكن ضيقة فهي أعلى من سطح الشارع بربع المتر أو تزيد، محفرة مغبرة، وهي صفات بديهية وواضحة وجلية حتى على الأعمى الذي يسقط منها وفيها كلما حاول تسلقها لإهمال مسؤولينا لأحوال المصابين بأنواع مختلفة من الإعاقات "ذوي الإحتياجات الخاص" التي تمنعهم من استعمال هذا النوع من الأرصفة الغريبة التي لا تكل ولا تمل من إزعاجنا وقهرنا والتسبب في جنوننا، بسوء الحال، والازدحام، والاكتظاظ، والتشوهات الخرقاء، والضيق المقيت، والعوائق والمطبات. فجل أرصفتنا إما أوراش بناء إحتلت رمالها وآلاتها المؤذية الخطيرة كل فضاءاتها، وإما مقاه ومطاعم لم يتورع أصحابها عن إستباحة مجمل مساحتها وإستغلال جنباتها إلى درجة العبث والإسفاف، بما وضعوا فوقها من أسيجة وحواجز ومستنبتات وكراسي وطاولات تمنع الراجلين من استعمالها.. وإما لوائح اشهارية و لوائح التشوير الطرقي و الأشجار المتناثرة بطريقة لا تعكس مدينة متحضرة.. و إما متاجر احتلت ما فاض عن حيزها من السلع وركام قنينات الغاز والمياه الآسنة المتهاطلة على الرؤوس من شرفات العمارات والبيوت المطلة عليها، دون التحدث عن أصحاب السيارات التي تركن فوقها بحثا عن ظل شجرة أو جدار ضاربة مدونة السير عرض الحائط…

ليس الرصيف بمدينة سطات كله متدهور و له أدوار سلبية، فقد تحسب له بعض الحسنات وعلى رأسها التبشير بالزيارات الميمونة لملك البلاد وما يصاحبها من مشاريع خير ونماء وأيادي بيضاء كريمة، فكلما رأى الناس عمال الإنعاش يقومون بطلاء الأرصفة فذاك مؤشر واضح ودليل قاطع على قرب زيارت جلالته فيستبشر الناس خيرا... فمتى يعاد للرصيف دوره الذي صمم لأجله بمدينة سطات؟ و متى يكون الرصيف مرآتا لرقي ذوق مدبري و مواطني مدينة سطات؟ هل يتدخل عامل إقليم سطات ليعيد للرصيف دوره القانوني؟ هل يتدخل رئيس المجلس الجماعي رفقة أعضائه بتحرير الرصيف من مستغليه وإعادة الاعتبار إليه؟