آفاق السياسة العقابية بالمغرب بقلم الأستاذ الباحث والمحامي خالد الذهبي

آفاق السياسة العقابية بالمغرب بقلم الأستاذ الباحث والمحامي خالد الذهبي

من البديهي أن التطور الميداني على الأرض في المجتمع يفرض على السياسة العقابية ان تتأقلم والمستجدات، ويكون ذلك من خلال ايجاد بدائل ملائمة لروح العصر ومتجاوزة جميع العقبات والمشاكل التي واجهت السياسة العقابية السابقة، فمن المنطقي ان تستبدل عقوبات بأخرى وكل ذلك في سبيل التيقن من الوصول للهدف المرجو من العقوبة، لهذا سيتم تقسيم المطلب الى ثلاث فقرات:

الفقرة الأولى الاتجاه نحو الغاء العقوبات البدنية

الاتجاه المؤيد: ما يزال الانقسام في الآراء حول عقوبة الاعدام هو السمة الرئيسية التي تطبع موقف الدول و مواقف المهتمين بالموضوع و هكذا نجد من جهة المتمسكين بهذه العقوبة و نجد المتمسكين بإلغائها او على الاقل الحد منها و لكل من الفريقين وجهة نظره حول الموضوع و سنرى اولا وجة نظر المؤيدين لهذه العقوبة من خلال مبرراتهم التالية : ان الاعدام وسيلة فعالة للردع العام و الردع الخاص، ان الاعدام يؤدي الى انخفاض نسبة الجريمة، ان الاعدام عقوبة عادلة، ان الاعدام يحد من حالات العود في الجريمة بالنسبة للردع العام، ان الاعدام يحقق المصلحة العليا المرجوة من العقوبات و هو سواد الامن في المجتمع.

اما المعارضون لهذه العقوبة والمطالبين بإلغائها فلقد سلكت بعض الدول واحد من هذه الثلاثة اتجاهات

الاول: الالغاء النهائي بنص تشريعي اي الغاء تشريعي.

الثاني: الالغاء الواقعي للجريمة اي بتعطيل النص وعدم تطبيقه بحيث لا يصدر القاضي اي حكم بالإعدام لما له من سلطة تقديرية في الموضوع

الثالث: هو الحد من حالات من حالات التجريم التي تطالها العقوبة العظمى وحالات الحكم والتنفيذ مع الابقاء على العقوبة بخصوص الجرائم المتسمة بنوع من الخطورة.

اما عن حجج الطالبين بهذه العقوبة فهي كما يلي: ان الاعدام ليس النموذج الامثل للسياسة العقابية، انها غير عادلة وغير منطقية، انها عقوبة قاسية وتتنافى وانسانية الانسان، ان عقوبة السجن المؤبد تعتبر معقولة

اما عن موقف المشرع المغربي، فما يزال يتمسك بهذه العقوبة الا انه وسع من مجال الظروف المخففة للعقوبة والاعذار القانونية الى درجة ادخلت الكثير من المرونة في سياسة العقاب بوجه عام وعلى عقوبة الاعدام بشكل خاص بحيث ان الحكم بهذه العقوبة العظمى موكول للقضاء وتقديره، وتعتبر هذه السياسة مرنه بالمقارنة مع التشريعات الاخرى والدليل على ذلك عدد الحالات المنخفضة التي يحكم بها بالإعدام.

وتدل الاحصائيات الرسمية على ان هنالك ميل نحو الحد من هذه العقوبة سواء في ما يخص عدد الاحكام الصادرة او العدد المنفذ منها حيث يقتصر التنفيذ على بعض الجرائم التي تكتسي نوعا من الخطورة.

وتأسيسا لما سبق يمكن القول ان السياسة العقابية في المملكة بخصوص عقوبة الاعدام تصنف ضمن الحل الثالث الوارد ضمن القرار رقم 1396 المؤرخ في 12 يونيو 1964 الصادر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة والذي يطالب بالحد من تنفيذ هذه العقوبة و هنا يظهر جليا موقف المملكة بأخذها حلا وسطا اي لم تلغ هذه العقوبة و لم توسع في استخدامها بل جعلت الامر مقصور على حالات نادرة تمتاز بخطورة الفعل الاجرامي.

يتبع…..

الأستاذ خالد الذهبي … محامي بهيئة الدار البيضاء…أستاذ باحث بكلية ابن طفيل بالقنيطرة