طحن مو جرح غائر في قلب وطن ضائع

طحن مو جرح غائر في قلب وطن ضائع

لا شك إن متابعة جريمة الحسيمة التي راح ضحيتها شاب تكالبت عليه الظروف ليجد نفسه بين سندان البطالة و مطرقة البحث عن لقمة عيش شريفة احدث في نفوس الكثيرين حزنا عميقا نظرا لوحشية الفعل الإجرامي وانسلاخه من ابسط المبادئ و القيم الإنسانية. إذ كيف يتم تشغيل طاحونة الشاحنة بدم بارد لتطحن جسدا أنهكته صعوبة الحياة و والتصق بقشور جلده مشاكل لا تصمد لها الجبال

وانا اخط هذه السطور تتبادر إلى ذهني سلسلة أسئلة تفزع النوم العميق لمسؤول ينام في أفخم فندق، أو أوسع ضيعة بعدما يستفيد من حصة تدليك تقوم بها فتاة جميلة قهرها الفقر و الباءة لتجد نفسها على ارتفاع ثمن العمل الذي تقوم به -رخيصة تقوم بعمل ينتقده زبنائها في قبة البرلمان تارة و في باقي المجالس على اختلاف مسمياتها… حينما كنا صغارا تغنينا بتغيير الوطن. كان الحلم جميلا لكنه اليوم أصبح كابوسا يرعب ابناء الوطن ليلا و نهارا في احلام اليقظة و يلاحقهم في كل خطوة داخل وطن امتدت إليه الأيادي ألاثمة لتتقاسم خيراته و تنهب ثراوثه لتظهر فجوة مرعبة بين الطبقات تنذر بالكارثة.
إن إقدام المواطنين خلال السنوات الاخيرة على الانتحار و حرق النفوس و الارتماء في أحضان الظواهر السلبية ليس إلا مؤشرا على بدايات انهيار المجتمع.

 بالأمس حمل الأموات في شاحنات نقل الازبال و اليوم يطحن حي في شاحنة الازبال الخاصة بشركة النظافة التي تتلقى أموالا من الجماعة التي تمول من ضرائب المواطنين- معادلة غريبة يا وطنا لم تعد تحرسه أيادي أمينة كما كان الحال إبان مقاومة الاستعمار.
اكتب والألم يمزق قلبي حزنا على محسن ، اربط الكلمات و البكاء يختلط بالخوف على وطن لا يسكنه إلا القليل من المواطنين ، اعبر الليلة و لا ادري ماذا سيجري غدا على أمل ألا يسقط المزيد من الأبرياء.
سامحوني لا استطيع أن أكمل باقي الفقرات وإلا سأعود إلى المصحة التي لم يمضي على مغادرتي لها إلا اياما معدودة. و تيقنوا أن طحن محسن جرح غائر في وطن أصبح عنوانه سنوات الضياع.