سلطة الإعلام..
الإعلام سلطة من سلط الدولة الحديثة والديمقراطية، باعتباره آلة فعلية لمراقبة باقي السلط، لأن الدساتير الديمقراطية ضمنت حرية التعبير وما يجاورها من حقوق كحرية الرأي، وحرية الوصول إلى المعلومة، وحرية النشر كحق أساسي، يضمن مبادئ لللإعلام سلطته.
ففي المغرب عرفت ممارسة هذه الحقوق عبر تاريخها الكثير من الالتباس وكانت سلطة الإعلام أداة من أدوات الممارسة السياسية، سواء بالنسبة لنظام الحكم والدولة أو بالنسبة للأحزاب والنقابات، ولايمكن فهم طبيعة الإعلام المغربي بدون هذا الارتباط، و طبيعته تحمل لون الوعاء الذي فيه، فلا إعلام كسلطة بدون فصل في باقي السلط الأخرى، ولا إعلام كسلطة بدون سلطة الصحافي ككاتب وكصانع للرأي وكمدافع عن الحق.
لقد استطاع الإعلام بما له من قوة مادية ومعنوية في صناعة الرأي العام، وفي تغيير الاتجاهات والأفكار، أن يساهم بشكل كبير في الحراك السياسي والفكري، الذي شهده عالمنا العربي.والمغرب على وجه الخصوص.
وإذا كان الإعلام في المغرب حبيس التوجيهات الرسمية، ومستوى تفاعلاتها مع الأحداث الدولية والإقليمية، خاضعا لرقابة كل من وزارة الإعلام والاتصال، والهيئة العليا للسمعي البصري، فإنه بالمقابل أفرز المشهد الإعلامي ببلادنا ممارسات إعلامية بديلة، تتجه أكثر فأكثر ، نحو الاستقلالية والابتعاد عن مقص الرقيب.
فمع بداية العهد الجديد نهج المغرب سياسة إعلامية منفتحة، فأقدم على فصل ملف الإعلام والاتصال عن وزراة الداخلية، وبرز على المستوى المؤسساتي كل من الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، ووزارة الإعلام والاتصال، والهيئة العليا للسمعي البصري، كما ظهرت على الساحة جرائد مقاولة أو ما اصطلح عليه بالصحافة المستقلة، ساهمت بشكل كبير في نقل المعلومة للقارئ والرفع من مستوى وعي الجماهير.
واستمرارا لنهج التحرر تم منح مجموعة من التراخيص للعديد من المحطات الإذاعية، وكان حلم اتساع هذا الانفتاح، كبيرا ليشمل المزيد من محطات إذاعة القرب، وإنشاء قنوات تلفزية جهوية، تقترب من هموم الشعب اليومية، وتساهم في تثقيفه وتنويره.
فتحرير الإعلام رهين بتحرير العقول أولا، لأنه لا بد من إصلاح قطاع الإعلام الرسمي المرئي والمسموع و إعادة رسم وعصرنة الإستراتيجية الإعلامية بشكل يحدد الوظيفة التواصلية الجديدة لوسائل الإعلام العمومي في ظل سيادة الديمقراطية ودولة القانون.
المشاهد المغربي يدفع الضريبة و من حقه أن يستمتع بإعلام حر يضاهي باقي الفضائيات العربية، فصحافيينا لا يقلون تكوينا أو فصاحة عن غيرهم من الزملاء العرب في باقي الفضائيات، كل شيء متوفر فلماذا لا يحرر إعلامنا من قبضة لوبيات المال، لتصبح قنواتنا مثل باقي القنوات بها برامج تستحق الإشادة و النقذ البناء.
إن الاستراتيجيات الإعلامية التي قد ينهجها التلفزيون العمومي لابد أن تستجيب لمتطلبات المرفق العمومي، لا أن تكون في خدمة المعلنين وأصحاب شركات الإنتاج التي تبحث عن الربح لا تقديم خدمة تلفزيونية عمومية، حتى لا يفر المشاهد المغربي إلى مشاهدة القنوات الأخرى ويهجر القنوات المغربية، و مع الدستور الجديد والحكومة الجديدة يأمل المشاهد المغربي أن يلمس التغيير في قنواتنا المغربية….إذن فلننتظر ما ستحمله الأيام من جديد ، و ليكن خيرا……..
{facebookpopup}