صرخة مجروجة للكتبيين بالمغرب..افتحوا الأبواب أو دعونا نطرق الباب الكبير
منذ عشر سنوات أو ما يزيد قليلا، والكتبيون المغاربة يوجهون الرسائل تلو الأخرى للجهات المعنية ، وزارة الثقافة في مقدمتها، من أجل إسماع صوتهم ولفت الانتباه إلى مهنتهم المهددة بالاندثار، ليس خوفا على تشريد العاملين بها، لأن أرزاقهم في مهن أخرى أضمن، ولكن حبهم لها أكبر من البحث عن مصيرهم.
كتبوا العشرات والمئات من الرسائل والمقترحات وتحدثوا في الكثير من المنابر والقنوات… وكل شيء ذهب أدراج الرياح.. لأن الإهمال هو جواب حكومي مغربي حتى أصبح أمام الكتبيين باب واحد ووحيد هو جلالة الملك، ملك الفقراء والبسطاء ومحب الثقافة والمعرفة، في مقابل حكومة غير آبهة بمصير مهنة كان لها دور واعتبار في تاريخ المغرب والمغاربة،ولدى الملوك والسلاطين والعلماء على مر القرون.
اليوم، وفي الوقت الذي دخل فيه العالم إلى نموذج اقتصادي قائم على العلم والمعرفة، نجد الكتبي يتراجع دوره ويتم إهماله وتناسيه في المخططات والإقصاء من كل حوار في شأن تطوير المهنة ضمن تصور ثقافي يعمل على تحصين مهنة الكتبي اجتماعيا بدل تركه وحيدا يصارع من أجل البقاء في أسواق هامشية أو في محلات لا تليق بالمهنة ؛ بالإضافة إلى الموسمية التي تميز نشاطه التجاري، وما لذلك من أثر على رأسماله وقدرته على تمويل مشترياته من الكتب المستعملة في مختلف التخصصات واللغات.
وهذا الواقع، ليس حُكرا على كتبيي المدن الكبيرة كالدار البيضاء والرباط، بل إنه يزداد سوءا في المدن الصغيرة والمتوسطة. ففي مدينة مثل الدار البيضاء يقارب عدد سكانها ستة ملايين نسمة لا يتعدى عدد الكتبيين بها 60 كتبيا نصفهم يشتغلون على الكتب الجديدة والمقررات الدراسية ، وهو ما يؤشر على أن الطابع الثقافي لمهنة الكتبي يتراجع ويكاد أن يمحي ليضيع معه تراث يشهد بأهميته وغناه جميع أطر ومثقفي البلاد، والذين كان للكتبيين عظيم الأثر في تكوينهم رغم أن أغلبهم تناسوا ذلك وهم اليوم في مواقع القرار والمسؤولية.
ولحسن الحظ، فإن مناسبة المعرض الوطني للكتاب المستعمل تمنحنا دعما معنويا للاستمرار لأننا نشعر بأن الكثير من المبدعين والمثقفين والأطر العليا ما زالوا يؤمنون بدور الكتاب والكتبي، ويساندوننا معنويا وماديا، بل إن منهم من يبدي استعداده للوقوف إلى جانبنا من أجل طرح عريضة وطنية للمطالبة بالالتفات إلى الكتبي وإنقاذ مهنته من الاندثار.
ناهيك عن كون عموم القراء من جميع جهات البلاد يحجون إلى المعرض بانتظام للبحث عن كنوز الكتب وأمهاتها لأنهم يعرفون أنهم لن يجدوها في مكان آخر.
إن الكتبيين لا يطلبون المستحيل، ولكنهم يطلبون الاعتراف بهم كمهنيين لهم الحق في توضيح الجهة التابعين لها من أجل تحقيق هذه المطالب. أما في الشق الثقافي فإن للكتبيين مشاريع واقعية وقابلة للتحقيق ومحدثة لمناصب الشغل، وعلى رأس تلك المشاريع إحداث قرية للكتاب تكون بمثابة واجهة للثقافة الوطنية وفضاء للتحسيس بالقراءة وأهميتها وتتوجه أساسا للأطفال والشباب، وتكون أيضا وجهة للسياحة في المدن المغربية.
هذا نداء إلى كل وزارات الثقافة والتجارة والصناعة والتعليم من أجل فتح أبواب الحوار مع الكتبيين لإنقاذ هذه المهنة النبيلة وتحصينها ضمانا لاستمراريتها في التشغيل وتثقيف المواطن وإعطاء صورة مشرقة عن بلادنا.. وإلا..
وإلا فإننا جاهزون لدعوة الكتبيين والمثقفين والجمعيات من أصدقاء الكتاب إلى مقاطعة كل الأنشطة الثقافية والمناسبات.. ونقاطع القراءة حتى نصبح شعبا أميا كما يشتهي بعض المسؤولين في هذه البلاد.
يوسف بورة: رئيس جمعية الكتبيين بالمغرب