“الثانوي” متورط في التستر على خروقات في التعمير وتحقير حكمين قضائيين بسطات
اتبع المغرب في ميدان التعمير سياسة تهدف إلى تعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي، وهذا ما يتجسد من خلال سن العديد من القوانين التي تنظم وتؤطر التخطيط والتدبير العمرانيين. يضاف إلى ذلك إنشاء عدة مصالح إدارية مركزية وجهوية ومحلية تسهر على تسيير قطاع التعمير وإعداد التراب، كما تم إسناد اختصاصات للوكالات الحضرية ومصالح التعمير بالعمالات والجماعات المحلية باعتبارها الهيئات الإدارية التي تتدخل بشكل مباشر في تأطير العمران على المستوى المحلي.إلا أن وجود هذه التدابير مجتمعة، لا يعني نهاية الخروقات في ميدان التعمير ومدينة سطات نموذج حي للتلاعب بقوانين التعميروالتستر على خروقاته. من هنا، نطرح في افتتاح تحقيقنا تساؤل بديهي قد يتبادر إلى ذهن كل قارئ : هل من حقائق وبراهين تؤكد هذه الفرضية المتعلقة بوجود خروقات مع كشف مرتكبيها وكشف القائمين المتسترين عليها أم أن الأمر لا يعدو إشاعة؟
بداية حكاية تغيير تصميم عمارة بسطات
حرر المدعو(خ.ح) عون محلف بالجماعة الحضرية لمدينة سطات محضرا للمعاينة في إقامةشمس عمارة 04 الرقم 12، يبين من خلاله تغيير في تصميم العمارة من خلال تغيير موقع الباب بأحد الشقق واستغلال البهو لإلحاقه بشقة، الشيء الذي أصدر عليه مصطفى الثانوي أمرا بوقف الأشغال في 24 دجنبر 2012 من خلال أمر فوري عدد 5387 مطالبا صاحب الشقة المدعو (ب.م) باتخاذ كافة التدابير لإنهاء مخالفة الأحكام الواردة في قانون التعمير 12-90، كما عمل الثانوي على مراسلة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسطات بمراسلة عدد 5930 يطالبه بالقيام بإجراءات المتابعة القضائية ضد المخالف.
الضابطة القضائية تستمع للمتهم..حكم قضائي أول يدين المتهم
تم الاستماع للمتهم (ب.م) من طرف الضابطة القضائية للدائرة الخامسة لشرطة سطات بتاريخ 17 أبريل 2013 في محضر قانوني صرح فيه أنه فعلا قام بالبناء بدون ترخيص، مما حدا بوكيل الملك إلى متابعة المتهم من اجل البناء بدون رخصة بتاريخ 14 ماي 2013، حيث أصدر حكم في حق المتهم عدد 4457-13 بتاريخ 23 دجنبر 2013.
في السياق ذاته، حكمت المحكمة ابتدائيا وحضوريا بإدانة المتهم (ب.م) من أجل البناء بدون رخصة والحكم عليه بغرامة نافذة قدرها 5000درهم مع تحميله الصائر وتحديد مدة الإكراه البدني في الأدنى وبهدمه ما بناه بدون ترخيص على نفقته.
"الثانوي" يموه القضاء ..
مفاجئة كبرى للآسف من خلال عودة رئيس المجلس البلدي لمدينة سطات في 1 أبريل 2014 ليوجه مراسلة عدد 2519 إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسطات يطالبه بالتخلي عن المتابعة ضد المتهم (ب.م) بارتكاب مخالفة في التعمير لامتثاله للأوامر، مما يعني أن المخالف للتعمير قد قام فعلا بتنفيذ الحكم القضائي في الوقت الذي يتوفر سكوب ماروك على شريط فيديو يؤكد بالدليل القاطع استمرار المخالفة التعميرية إلى حدود كتابة هذه الأسطر.
إعادة فتح ملف قضية تغيير تصميم العمارة من جديد
دفع هذا السلوك لرئيس المجلس البلدي بالتخلي عن المتابعة، أحد المتضررين (م.ع) بالعمارة المذكورة إلى رفع دعوة قضائية إلى المحكمة الابتدائية بسطات يطالب من خلالها رفع الضرر الذي لحقه من تغيير تصميم العمارة دون ترخيص، ليعاد فتح الملف من جديد، حيث خرج يوم 16 دجنبر 2014، خبير يسمى (ع.ش) محلف لدى المحاكم في الشؤون العقارية القادم من البيضاء بأمر من المحكمة الابتدائية بسطات لمعاينة خروقات التعمير من خلال تغيير التصميم الأصلي للعمارة من خلال تغيير موقع الباب بأحد الشقق واستغلال البهو لإلحاقه بشقة لأحد المالكين وظهور شقوق عن شقة الجار المتضرر. وهو نفس الشيء الذي أكده صاحب المشروع الأصلي (ح.ت) الذي أكد أنه يحتفظ بالتصميم الأصلي للعمارة المصادق عليه، مبرزا أن التغييرات الحاصلة بالعمارة من عمل شخصي لملاكي أحد الشقق.
ماذا يقول القانون في النازلة…
إن البناء بدون ترخيص جنحة طبقا لمقتضيات المادة 66 من ظهير 17 يونيو 1992، حيث أن المخالفة المرتكبة من طرف المتهم تعتبر جنحة تتقادم طبقا للفصل 5 من قانون المسطرة الجنائية بمرور أربع سنوات، وحيث أن المخالفة تمت معاينتها بتاريخ 1 غشت 2012 والمتابعة القانونية انطلقت بتاريخ 15 ماي 2013، مما يجعل إمكانية دخولها في استثناءات التقادم غير وارد.
إن تغيير تصميم العمارة يعتبر مخالفة صريحة لقانون التعمير 12-90 وخاصة المادة 63 منه التي تفرض الحصول على ترخيص قبل إجراء أي تغيير. وتنفيدا للفصول 287 إلى 314 و 362 من قانون المسطرة الجنائية و ظهير 17 يونيو 1992 يتم إدانة المخالف.
حكم قضائي ثاني للمحكمة الإبتدائية بسطات يدين المتهم
قضت المحكمة الإبتدائية بسطات بتاريخ 11 مارس 2015 بإدانة المتهم (ب.م) من أجل البناء بدون رخصة والحكم عليه بغرامة نافذة قدرها 5000 درهم مع تحميله الصائر وتحديد مدة الإكراه البدني في الأدنى وبهدمه ما بناه بدون ترخيص على نفقته مع تخصيص 100 درهم عن كل يوم تأخير، الشيء الذي يؤكد بالملموس والدليل القاطع مرة أخرى أن مصطفى الثانوي رئيس جماعة سطات تستر في وقت سابق على هذه المخالفة في التعمير وحقر حكما قضائيا بتوجيهه لمراسلته عدد 2519 إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسطات يخبره بالتخلي عن المتابعة لامتثال المخالف للأوامر.
القانون الجنائي و"الثانوي".. فمن يطبق المسطرة؟
يفيد القانون الجنائي أنهيتعرض رئيس المجلس الجماعي إلى الحكم بالحرمان من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية من 5 إلى 10 سنوات،إذا ثبت أن رئيس الجماعة مشارك في المخالفات المرتكبة، من خلال تغاضيه عن معاينة المخالفات وإثباتها و عن تقديم الشكايات ضد المخالفين أمام النيابة العامة وعدم قيامه بإشعار العامل المختص بهذه المخالفات، مما شجع المخالفين على التمادي يعاقب حسب الفصل 367 من القانون الجنائي، باعتباره مرتكبا لجناية التزوير في المحررات العامة أو الرسمية أو مرتكبا لجنحة التزوير في محرر خاص.وعلى اعتبار المراسلة عدد 2519 المحالة من "الثانوي" إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسطات يخبره "الثانوي" بالتخلي عن المتابعة لامتثال المخالف للأوامر في حين أن المتهم لم يمتثل للحكم القضائي مما يعتبر تمويها للقضاء، فماذا يقول فيه القانون؟
علاقة والي جهة الشاوية ورديغة بمخالفات التعمير حسب القانون
إن ارتكاب أعمال ممنوعة بمقتضى قانون 12 –90 كما هو الشأن بالنسبة للأفعال المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 34 أو كانت مخالفة للمواد 40 – 42 – 58 – 59 – 61 يقوم رئيس المجلس الجماعي بإيداع شكوى لدى وكيل الملك المختص الذي يتولى متابعة المخالف ويحاط العامل أو الولي المعني علما بذلك، أما إذا لوحظ استمرار المخالفة عند انتهاء الأجل المحدد، ولم ينفذ المخالف الأوامر المبلغة إليه تطبق الأحكام المنصوص عليها في المادة 68 وما يليها من هذا القانون، وهكذا يجوز للعامل بطلب من رئيس المجلس الجماعي أو من تلقاء نفسه وبعد إيداع الشكوى المشار إليها في المادة 66 أن يأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة، وفي حالة تولي السلطة المحلية القيام بالهدم فيكون على نفقة المخالف دون أن يترتب على الهدم إيقاف المتابعة إذا كانت جارية. فهل يسهر محمد مفكر والي جهة الشاوية ورديغة على هدم مخالفة التعمير خاصة بعد تأكيدها من طرف حكمين قضائيين؟
قراءة في القرارات المتناقضة للثانوي
تدفع هذه السلوكات المتناقضة في القرارات للرئيس إلى العديد من التأويلات التي يلوكها متتبعو هذا النموذج من ملفات مخالفات التعمير و التي تضع معها "الرئيس" في قفص الاتهام إلى حين تبرئة ذمته وتفسير دواعي تغيير قراراته بين الإدانة و التخلي على مخالفي التعمير بسطات خاصة في ظل وجود محاضر معاينة وصور وأشرطة فيديو تؤكد الخروقات حاليا بالعمارة المذكورة والتي أكدها حكمين قضائيين، وكذا فتح باب الاستفهام عن دواعي توجيه رئيس المجلس البلدي للمراسلة عدد 2519 إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسطات يخبره بالتخلي عن المتابعة لامتثال المخالف للأوامر.
تصرفات "الثانوي" تفتح الباب أمام كل التأويلات…
سهر رئيس المجلس البلدي منذ توليه رئاسة المجلس الجماعي على تغيير المهندسة المعمارية من مهامها التي انتقلت لمدينة النواصر وأصبحت أحد العناصر الفعالة في المعمار والتنظيم المجالي هناك، والتي سهرت على تقديم عدة المشاريع في آخر زيارة لصاحب الجلالة للمنطقة، بينما أوكل "الثانوي" إلى أحد التقنيين تتبع الملفات الخاصة بالتعمير بسطات، الشيء الذي يعد إبعادا للكفاءات من صلب تخصصاتهم وتعيين آخرين أقل تخصصا ورتبة إدارية في مكانهم، مما يفتح الباب أمام كل التأويلات المشروعة.
من هنا وهناك…
استنادا إلى المعطيات السابقة نطرح تساؤلات بريئة: هل يسهر رئيس المجلس البلدي مصطفى الثانوي باعتباره المسؤول الأول على تطبيق المسطرة القانونية على مخالفي قانون التعمير حسب مقتضيات الميثاق الجماعي أم أن الأمر يتعلق بضبط حالات مخالفة للتعمير ثم تحرير أمر التخلي عن المتابعة لأسباب يعرفها العام والخاص. من يسهر على تطبيق وتفعيل مسطرة القانون الجنائي في حق رئيس جماعة سطات؟ هل يكون هذا الملف النقطة التي تفيض الكأس لتتدخل الفرقة الوطنية والمجلس الأعلى للحسابات للضرب على أيدي المفسدين والمتواطئين في خروقات التعمير بسطات؟ وفي انتظار ما ستقدمه الأيام المقبلة من مستجدات نترك لقرائنا الأعزاء باب التأويل والحكم مفتوح في انتظار تحقيق آخر في ملفات خروقات التعمير بسطات الذي سنعرضه في نشرة لاحقة حصريا على سكوب ماروك.
{facebookpopup}