مدينة على الورق…

مدينة على الورق…

عندما نرسم وردة على الورق لا تكتمل روعتها بدون عطرها، كذلك بعض المشاريع عندما نرسمهم صورا في دفاتر للتحملات وملفات للدراسات، لا يحققون التنمية إلا إذا خرجوا للوجود… بمدينة سطات عشرات المشاريع المدونة على الورق إنه ما يشبه التحالف المقدس بين استراتيجية التنمية الحضرية وبرنامج التأهيل الحضري وأخرى قطاعية لمؤسسات حكومية، مع مسؤولين هلاميين لم ينسجموا مع العهد الجديد لروح وفلسفة دستور 2011، كما لم يستوعبوا الدروس والرسائل المشفرة لخطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حول التنمية.

ممثل الإدارة الترابية رفع الراية البيضاء أمام سرطان محاربة التغيير الذي ينخر كل مبادراته الإصلاحية، فمنذ وطأت قدمه تراب الجهة لم يغمض له جفن وظل يتنقل بين الأزقة والشوارع قصد رصد الخصاص، ونهج سياسة القرب من المواطن، والسهر شخصيا على عدة مشاريع، لكن بالمقابل فشل أمام المفسدين الذين حولوا كل مبادراته ومشاريعه التنموية (تبليط الأزقة، المركبات السوسيوثقافية، ملاعب القرب، الحدائق…) إلى حملات انتخابوية سابقة لأوانها، مما حدا به إلى إجراء عملية جراحية للعديد من المشاريع التي تمولها بشكل أساسي وزارة الداخلية وإدخالها إلى غرفة الإنعاش في انتظار مرور الإستحقاقات الانتخابية المقبلة لكي لا يركب عليها هواة ركوب الموج "السورف".

مدينة سطات كتب على فئة من سكانها التشبث بأحد الكراسي في قاعة الانتظار، بينما تعيش فئات أخرى، على جرعات الأنسولين والسيروم مما استحوذت عليه من عقارات ومشاريع والتحكم في  أزيد من أربعين سنة من مسقبل مدينة سطات، على اعتبار أن الخمس كيلومترات التي تكون احتياطي عقاري لتوسع المدينة حسب تصاميم التهيئة،  اقتحمه جيوب مقاومة التغيير، مما حول سطات إلى خلفية يتحكم في ريعها بعض فاحشي الثراء الذين استحودوا على أراضي فلاحية في انتظار دخولها للمدار الحضري، باعتبار إلمامهم التام بدواليب توجيه التعمير وفق نفعيتهم الذاتية.

مدينة على الورق حولها الفقر والعبثية وضعف التسيير وانسحاب هيبة الدولة إلى بؤرة سوداء، وجعل منها جزيرة للعبث والاستهتار بالقوانين.في زمن تشهد في المدن المغربية ثورة تنموية شاملة. موقعها الجغرافي  بين القطب الاقتصادي والقطب السياحي، جعل الحلم مشروعا، لدى عدد من سكانها، في الانتقال بسطات من مجرد جماعة سطات بمظاهرها القروية (تجول الدواب، الكلاب الضالة، ضعف الإنارة، غياب مرافق ترفيهية وثقافية…) إلى قطب تنموي هام ومنطقة صناعية غير ملوثة تشغل جيشا كبيرا من العاطلين وتوفر مداخيل مالية للتنمية المحلية، قبل أن يستحيل هذا الحلم إلىغبار تذروه رياح الجشع واستئساد لوبيات الفساد وتحالف بعض من أصحاب التدبير مع مافيات العقار التي استعمرت المدينة واحتلت جميع أطرافها…

يتبع…

{facebookpopup}