هي البلد فيها حكومة؟
إن من يتابع و يتتبع الأوضاع السياسية بمغربنا الحبيب، لا شك أنه سيتوصل إلى وجود زواج ضمني لتقمص أدوار في مسرحية يتناوب فيها الساسة بين مواقع المعارضة والأغلبية، قصد تمرير قرارات تعسفية ضدا على إرادة الشعب، وما تقوم به المعارضة في الأيام الأخيرة داخل ردهات البرلمان، هو مجرد محاولة فاشلة للتمثيل على الشعب، و محاولة كسب ثقة المعارضين لكي تستطيع استعادة دورها في توجيه الرأي العام، و طبعا في امتصاص غضب الشارع بتعليمات من الأغلبية… و الدليل أن المعارضة لم تطالب يوما بإسقاط الحكومة، لأن الأخيرة كانت وفية لوعودها بحفظ ماء وجه نواب الأمة وسهرت على صون معاشاتهم وأجورهم وتعويضاتهم السخية، بل من يستمع بدقة عالية إلى الذبذبات الصوتية لتصريحات بعض ساسة المعارضة "أقصد من يتقمصون على الشعب المغربي دور المعارضة" سوف يدرك أن كلامهم مصطنع، بل يحمل في طياته استخفاف بالمواطنين والإتجار بمآسيهم ومعاناتهم.
يا سادتي الكرام؛ لا أظن أحدا باستطاعته تفنيد حقيقة فشل الحكومة المغربية في تدبير القضايا الوطنية المعروضة على طاولة رئيسها، اللهم شرذيمة من أتباع الأحزاب السياسية الذين يسترزقون من قربهم منها…فإذا كانت الحكومات التي تحترم شعوبها تعمل على تدبير رزين لشؤونهم وإذا أخفقت لا تتردد في تقديم استقالتها أو استقالة المقصرين منها طواعية، فإن حكومتنا تعتبر قراراتها وحي لا يجب مناقشته رغم ما يحمل من إخفاقات أكدتها الأيام والسنون الماضية، فالمواطن اليوم مع هذه الحكومة وسلفها لا يعرف إلا الزيادات حتى تحولت الأخيرة إلى قفشات يتبادلونها على مواقع التواصل الاجتماعي محاولين نسيان مآسيهم اليومية، فمنهم ما ينشر إمكانية زيادة يوم في الأسبوع وآخر يقول زيادة سنة في حين لا أحد منهم يمزح بإمكانية زيادة عدد مناصب الشغل أو أجور العاملين، لأنهم على إيمان أن فاقد الشيء لا يعطيه.
يا سادتي الكرام؛ يخرج بين الفينة والأخرى أتباع المتاجر السياسية للقول بأن لا سلطة للحكومة في محاولة لاختلاق ذريعة لدر الرماد في عيون المواطنين، وهذا أكبر احتقار لذكاء الشعب لأن الدستور الجديد للبلاد واضح وضوح الشمس في يوم جميل، فأولا يملك رئيس الحكومة صلاحيات جد واسعة، وثانيا إذا لم تكن له سلطة للإصلاح فعليه أن يصرح بهذا للرأي العام ويقدم استقالته لتبرئة نفسه، أما سياسة الوجهان فقد فات أوانها وانكشف أمرها لأن الشعب أصبح واع بهذه الأعذار.
يا سادتي الكرام؛ إن الأوضاع في وطننا الحبيب لم تعد ترضي أحدا، هناك حراك وإن كان جليا في بعض مدن ربوع المملكة على قلتها، فإنه موجود مثل نار حارقة تحت الرماد في مختلف باقي المدن، الشعب المغربي العظيم، أقول عظيم لأنه شعب ذكي لا يريد أن تنجر الدولة إلى منزلقات خطيرة، لكن هذا لا يمنع من أن هناك احتقان.
يا سادتي الكرام؛ فرغم الرسائل الملكية لعاهل البلاد في خطبه السديدة إلا أن المسؤولين لا أحد منهم استوعب مضمونها، فذاك خطاب ملكي لتقريب الإدارة من المواطنين واليوم مدينة سطات بدون مصلحة إقليمية للبيئة والمواطن مضطر للتنقل إلى المصلحة المذكورة بالبيضاء، وذاك خطاب حول الاستثمار وتشجيعه وتدليل المساطر وتفادي التسويف في وجه المستثمرين واليوم مدينة سطات دون مركز لتشجيع الاستثمار، بينما المستثمرون منهم أصابتهم الغبطة لتعقد المساطر والتقارير المفبركة في طريقهم، وهذا خطاب لتشجيع الشباب وذوي الكفاءات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لكن اليوم بمدينة سطات نسجل عطالة طويلة لذوي الشواهد العليا وكفاءاتها….
يا سادتي الكرام؛ بما أن الأكشاك السياسية والحكومات عابرة، بينما هذه الدولة العريقة هي في الأول والأخير صيغة تآلفية للملك والشعب اللذين يجمعهما على مر التاريخ مصير واحد، فإني شخصيا ألتمس من الملك محمد السادس المنصور بالله أن يقف بنفسه ويشرف بمعية من يثق فيهم للوقوف على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحتاجها بلادنا.