كلفة اللاأمن..
الوضع السائد لصورة الأمن هذه الأيام بمدينة سطات مقلق ويحتاج إلى جرعة زائدة من الإصلاحات، فالمقاربة الأمنية في الآونة الأخيرة كشفت أنها لم تعد مسايرة لتوسع المدينة ولا لمكوناتها الاجتماعية، ما جعلها تعاني من اختلالات خطيرة، ساهمت في تقليص الشعور الداخلي للمواطنين بوجود الأمن.
مجهودات أمنية مبذولة، لكن ليست بالكافية لطمس معالم أحداث إجرامية متقاربة زمنيا ومتفرقة مجاليا بمدينة سطات، حولت المدينة الهادئة التي كان يشهد لها بالاستتباب الأمني والمكافحة الاستباقية للجريمة إلى مدينة تعج بالمتناقضات، فالأضواء السطحية لسيارات الأمنية تجوب الشوارع ومع ذلك ترتكب أحداث دموية خلفت الرعب في نفسية المارة، حيث تحولت شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك إلا ملاذ لبعض النشطاء لدق ناقوس الخطر، لعل الأجهزة الأمنية تلتقط الإشارات وتسارع بترتيب أوراقها بعيدا عن مساحيق التجميل المتمثلة في حملات تمشيطية بالأضواء السطحية (عيد العرش)، لأن الأخيرة رغم أنها نعمة لدورها في زرع الشعور بالسكينة في نفسية المارة، إلا أنها قد تتحول إلى نقمة عندما تسجل جرائم على اختلاف أنواعها تزامنا مع هذه البهرجة، ما يجعل المواطن يفقد ثقته في هذه الأجهزة الأمنية.
وحتى لا تكون كتاباتنا تنظيرا فقط، أو يحاول بقدرة قادر خندقتها في إطار ترويج محتوى رقمي عنيف ومضلل، من شأنه أن يمس الإحساس العام بالأمن، فيكفي أن نقول إن الإحساس بالأمن العام يتبخر عندما يلج جانحان زنقة سيدي لغليمي المشهورة لدى السطاتيين بزنقة خالد قادمين من حي قطع الشيخ مرورا بحي ميمونة، وهما مدججان بسيفين يلوحان بهما هنا وهناك ويكسران كل ممتلكات الغير التي يجدونها في طريقهما، قبل أن يخترقا شارع الحسن الثاني من أمام القصبة الإسماعيلية في اتجاه قلب المدينة المتمثل في ساحة الحرية المعروفة بساحة الحصان وهما مستمران على فعلهما دون إيقافهما في مهد تحركهما، فهذا أمر يستحق أن نقف حوله وقفة تأمل لقراءته من مختلف جوانبه: متى كانت سطات تسجل هذه الاحداث المشينة؟ وحتى إن كانت ببعض الأحياء الهامشية، فلم تكن لتصل إلى قلب سطات النابض الذي يعج بالمارة؟
الإحساس العام بالأمن يتبخر عندما يتم خطف بائع جائل من قلب حي سيدي عبد الكريم على متن دراجة ثلاثية العجلات في اتجاه ضواحي المدينة لتعريضه للسرقة والاعتداء؛ الإحساس العام بالأمن يتبخر عندما يتعرض قائد الملحقة الإدارية الثانية أثناء القيام بواجبه المهني لتحرير الملك العام -يتعرض- إلى لكمات على مستوى الوجه من طرف بائع جائل، تسببت له في كسر سنه وجرح غائر على مستوى الحاجب تطلب رتقه بأربعة غرز، إضافة لكدمات متفرقة في أنحاء مختلفة من جسمه.
أحداث كثيرة متقاربة زمنيا ومتفرقة مجاليا بسطات منها الجريمة النكراء التي تعرضت لها الأساتذة دنيا رغم تقدمها بشكاية مسبقة بالتهديد، ومنها رشق اللجنة المختلطة لتحرير الملك العام بالحجارة من طرف الباعة الجائلين بحي سيدي عبد الكريم ومنها الممارسات المخلة بالحياء العام التي تمارس في واضحة النهار كما في ليله بفضاء الخزانة البلدية وباقي حدائق المدينة وفي شارع الحسن الثاني من عناق وتبادل للقبل بين المراهقين ما فرض على بعض العائلات تجنب قصد هذه المواقع….
ولهذه الأسباب تبقى وضعية الأمن بمدينة سطات مهزوزة رغم المجهودات المبذولة ورغم إيقاف المعنيين بمعظم الأحداث السالفة، ما يفرض على المديرية العامة للأمن الوطني مد ولاية امن سطات بالعنصر البشري الكافي لمدينة 150 ألف نسمة، حتى لا يتم الاختباء وراء هذه الذريعة، مع ضرورة تحيين الاستراتيجية الأمنية بالمدينة بعدما أظهرت بجلاء عدم انسجامها مع واقع الحال، ليبقى حق المواطنين في الأمن والآمان معلقا إلى إشعار لاحق.