صحافة النخاسة هي ثمرة حرية التعبير والتملص من الرقابة
صحافة النخاسة هي ثمرة حرية التعبير وغياب دور الرقابة، فهي صحافة رخيصة تسترزق من مناخ الفساد ومستنقعاته وتبخس هموم ومشاكل المواطنين وتستغل ضعف القانون وهشاشة الرقابة لتمتص أكثر ما يمكن من دماء ضحاياها… وهي مواقع للتشهير والإبتزاز ومنحطة يديرها أشخاص دون مستوى تعليمي أو تكوين يؤهلهم لكتابة جملة مفيدة من فعل وفاعل ومفعول به، حتى أنهم لا يفرقون بين المبتدأ والخبر ولا بين النعت أو المنعوت فيمارسون حرية بلا أخلاق ويؤسسون لصحافة بلا ضمير يدعون محاربة الفساد وهم صناعه ومنتجوه بإيعاز من أشخاص يدفعون لهم مقابل النباح على كل منتقديهم.. إذ تتغذى صحافة النخاسة من التشهير وهتك الأعراض والتشويه بلا حدود مطبقة مثال "ادفع أو نشوهك ونشهر بك وننتقم منك ونلفق لك التهم والاشاعات" فيدفع البعض تحت التهديد تجنبا للأذى المعنوي ويقاوم البعض الآخر ويتجاهلون ويصمدون لأنهم متأكدين من طهارة سلوكهم ونقاء أخلاقهم…
مدينة سطات على غرار المدن المغربية ابتليت بأشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصحافة، المهنة النبيلة والشريفة، التي مع الأسف حولوها إلى مهنة للابتزاز والاسترزاق، فاختلط الحابل بالنابل كما يقال، حيث أن أغلب هؤلاء المرتزقة اعتبروا هذا المجال مهنة من لا مهنة له، إذ استطاعوا بحيلهم ومكرهم أن ينسجوا خيوطهم على عدد من المسؤولين الثانويين في حين رفض الإنخراط في شباكهم ذوي الضمائر الحية من المسؤولين، لمعرفتهم الكاملة أن الصحافة التي لا تعرف مكونات الخبر الصحفي ولا أجناسه لا يمكن أن تنتج إلا أخبار ثانوية بعيدة عن الواقع المعاش.
إن جرائد النخاسة تبيع الشتائم والعناوين البذيئة ومقالات هتك الأعراض وتشويه السمعة بأرذل الأساليب وأقذر العبارات والإشاعات، لكن بمجرد أن تدفع تمنحك سلاح الكلمة البذيئة والهابطة والمنحطة لتطلقها على من تشاء…وهي صحافة قد تربح ماديا لكنها فاشلة معنويا لأنه لا أحد يستهويه بائعو الضمائر مهما صرخت عناوينها ببذاءة وإذا قرأها البعض لا يصدقها لأن التاريخ يسجل كيف كان ملاكوها قبل أن تطأ قدمهم مدينة الفرسان وكيف باتوا يتفاخرون بهواتفهم النقالة وملابسهم وصبيب الانترنيت… و… حيث تداول الشارع السطاتي دردشة يعترف ويتفاخر فيها رب أحد المواقع التشهيرية بأنه باع ضميره بأزيد من 100 درهم.
لقد نصب بعد الطفيليات أنفسهم محامين لبعض المسؤولين فيحرصون كل الحرص على نشر التراهات والأكاذيب وينفثون سمهم في المجتمع، يعيشون كالفطريات على حساب الآخرين. فتحولوا من عاطلين إلى مدراء لشركات بمقرات وهمية ورصيد مالي وهمي يصل الملايين، ويعملون على تسخير أسيادهم للحصول على تراخيص لمحلات تجارية تتحول إلى قلعة انتخابية للترويج لأسيادهم داخل أحيائهم. إنها نماذج لصحافة تحولت إلى مجرد فم مفتوح يوضع فيه الكلام فينطق به ويقوله في الاتجاه المطلوب، فكلما نظر ميمنة وميسرة ظن أن كل الناس على شاكلته، وظن أن الجميع يمكن أن يتحول إلى مجرد ساعي بريد، يطلب منه تقديم الحوالات إلى عناوين بعينها فيوصلها بعناية فائقة.كما أنه إذا عجز عن الكتابة وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى طبيعة مستواه فإنه يلجأ إلى أصحاب النوايا السيئة الذين يدونون له نشرات بأسماء مستعارة لإشاعات قصد ابتزاز أصحابها. لماذا يسلطون كتاباتهم عفوا كلماتهم المبعثرة للدفاع على جهة معينة أمام انتقادات أي فاعل جمعوي أو صحفي أو سياسي أو مواطن؟
هؤلاء نموذج لأشباح الصحافة، رجال دخلوا الميدان من قبيل الصدفة، وذلك بعد أن عرفوا أن الصحافة تذر دخلا مهما عند بائعي الضمائر، إنهم رجال لا يملكون مؤهلا علميا و لا يدركون الأبجديات الأولى للكتابة و بالتالي يبحثون عن من يكتب لهم مقالاتهم و يتعاملون مع سماسرة لكي يروجوا لكتاباتهم الفاسدة في أوساط تخشى أن يسمع عنها مكروه و تفوح رائحتها.
يا من يدعي في العلم فلسفة، إذا علمت شيئا غابت عنك أشياء، وإذا كان "تشيغيفارا" قد وضع للخداع في مقولته التاريخية وهو يقول: "تستطيعون أن تخدعوا كل الناس لبعض الوقت، وتستطيعون أن تخدعوا بعض الناس لكل الوقت، لكنكم لن تستطيعوا أن تخدعوا كل الناس لكل الوقت". لهذا أقول تحيى الكلمة الصادقة وتعيش الأقلام الحرة الطاهرة التي تحترم شرف صاحبة الجلالة "صاحبة الجلالة هي الصحافة لكي لا يضطر طفيليات الصحافة للبحث في محرك غوغل عن ترجمتها"، واعلموا أن صحافة النخاسة هي ثمرة حرية التعبير والتملص من الرقابة لكن إستمراريتها مسألة وقت…
{facebookpopup}