عن “الحَصْلَة” عفوا الحصيلة نتحدث.. اللى إختشو ماتو
ستظل الأمثال العربية لها رونقها الخاص وطابعها الفريد، واليوم نستحضر معكم مثلا مصريا يقول “اللى إختشو ماتو”، ويـُطلق على الذين لا يخجلون في أقوالهم وأفعالهم، إلى درجة يصح معه القول إن الأشخاص الذين كانوا يخجلون ويحترمون أنفسهم قد ماتوا ولم يبق منهم أحد.
سياق هذه المقدمة هو عودة رئاسة المجلس الإقليمي لممارسة عروضها السريالية بتقديم رد في قالب “حَصْلَة” عفوا حصيلة زعمت أنها إنجازات مستعينا بإقحام السلطة الإقليمية في شخص العامل لإذكاء روح الصدق على خرجتها، استهله رئيس المجلس الإقليمي بالكشف أن المجلس الإقليمي لم يكن معروفا لدى عامة المواطنين بنسبة اعتبرها تصل 90 بالمائة، وهذا صحيح ولا جدال فيه وقد صدق رئيس المجلس الإقليمي في ذلك، على اعتبار أن مشاريع “الحَرْشَة” و”الألواح الطَائرَة” وصفقة “القَرْنْ” و”الأستاذية”، لم تكن معروفة سابقا.
لكن؛ في نفس الوقت الذي اعتبر رئيس المجلس الإقليمي أنه صاحب مشاريع سطات، تناسى أن يوضح للرأي العام معنى “صاحب” المشاريع، فهي تعني “ميتَرْ دوفْرَاج” وليس مموله أو حامله، على اعتبار أن تمويل مشاريع سطات يتم من صندوق مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية، وكذا وزارة السكنى وسياسة المدينة وفق اتفاقية شراكة للتنمية الحضرية لسطات وقعت سنة 2014 تضم 17 شريك يمثلون مختلف القطاعات الخارجية منهم المجلس الجماعي السابق لسطات برئاسة مصطفي الثانوي والمجلس الإقليمي السابق لسطات برئاسة حجاج الدقاقي، حيث كان وقتها رئيس المجلس الإقليمي الحالي، يدبر جماعة قروية بإقليم سطات تسمى أولاد فارس الحلة بتعداد سكاني يناهز 3.609 نسمة حسب الإحصاء الرسمي لسنة 2004 ولم يلج المجال الحضري إلا بعد اقتراع 14 شتنبر 2015.
نضيف للرأي العام معلومة أخرى، سقطت من حوار استعراض العضلات أن ملايير السنتيمات خلفتها جهة الشاوية ورديغة سابقا في خزينة المجلس الإقليمي الحالي، بعدما تم الإعلان على دخول الجهوية الموسعة في غشت 2015 حيز التنفيذ، حيث عقد حينها المهدي عثمون رئيس الجهة آنذاك لقاء مع أعضاء مجلسه يخبرهم على ضرورة صياغة قرار يقضي بتوزيع ميزانية الجهة على أقاليمها والتي يندرج إقليم سطات من بينها بدل ضخ حوالي 17 مليار في ميزانية جهة الدار البيضاء سطات الجديدة، ليرسو الاتفاق فيما بينهم على ضرورة توزيع هذه الرساميل على معيار التعداد السكاني ليتم ضخ الملايير في خزينة المجلس الإقليمي لسطات التي وجدها رئيس المجلس الإقليمي مملوءة ما أن تولى تدبير المجلس الإقليمي بعد اقتراع 14 شتنبر 2015.
النقطة التي أفاضت الكأس والتي تعتبر بمثابة الفارق وكشفت المستور هو حديث رئيس المجلس الإقليمي عن تثبيت “الكراسي” في شوارع سطات ومحاولته التظاهر بالضلوع اللغوي والمستوى الثقافي الرفيع عبر الحديث بلغة “ساركوزي” من خلال ترجمته لكلمة “الكراسي” إلى الفرنسية بقول “Mobiliers”، وتكرارها أكثر من مرة في حواره، علما أن ترجمة الكراسي إلى لغة “موليير” تعني ” Chaises”، وليس “Mobiliers” لأن الأخيرة تعني “الأثاث”.
وإن شئنا تفكيك ما سلف ذكره من هشاشة لغوية للرئيس فيمكننا أن نعود بنقرة واحدة على الفضاء الأزرق لزيارة صفحته الرسمية بالفايسبوك والتي تحمل اسما لا زال يطرح أكثر من علامة استفهام “الاستاذ المصطفى القاسمي – الصفحة الرسمية”، على اعتبار أن صفة الأستاذ تتطلب شواهد علمية جامعية ومساطر قانونية معروفة لا علاقة لها بصناديق الاقتراع، أو بتوشيح من الطابور الخامس أو الخيمة المتنقلة للسكر والشاي بين بني خلوق واولاد بوعلي، في انتظار رده لكشف الديبلوم الذي خول له الأستاذية من بابها الواسع وهو يجهل الفرق بين الكراسي والأثاث وبين ” Les Chaises” وبين “Les Mobiliers”.
صدقوني أن ساكنة عروس الشاوية تمكنت من تكوين مناعة كافية دون ترياق للتمييز، بين الوعود والإنجازات، على اعتبار أن وعود الإصلاح ليست إنجازات، والنوايا ليست باستراتيجيات، رغم أن النية أبلغ من العمل في حكم الاسلاميين، فإخراج رئيس المجلس الإقليمي لبعض المشاريع إلى حيز الوجود ، ليس إلا مهمة من صلب اختصاصاته الدستورية لاستمرارية الإدارة، لأنه على اضطلاع بما وقع للمتخلفين عن تفعيل اتفاقية مشروع منارة الحسيمة من غضبة ملكية أسقطت رؤوسا من مناصبهم، لكن حتى طريقة إخراج المشاريع لا زالت تطرح إشكاليات نظرا للاختلالات الكبيرة التي رافقتها مقارنة بالمبالغ الخيالية المرصودة لها، ويكفي أن نقول أن النافورة المقابلة لمقهى العيون بسطات تقف لتقدم شهادتها على مضخة ومصابيح الشينوا التي لم يمضي على اشتغالها إلا شهر لتعود بدون مهمة رغم أن مصاريف تهيئة النافورات نالت من المال العمومي ما يناهز 732 ألف درهم، وأن نقول أن تهيئة مدخل سطات من اتجاه كيسر تم بأشجار نخيل ميتة لا زالت متسمرة بمكانها لتقدم شهادتها بمبلغ يناهز 4 ملايين درهم، وأن نقول أن الحدائق التي تم تهيئتها بالقرب من البريد وساحة محمد الخامس تتوفر على أعمدة كهربائية بدون إنارة بعدما توقفت مصابيح الشينوا عن أداء مهامها في الأسبوع الأول بعد انجازها، وأن نقول أن تكسية شارع القدس المعروف لدى السطاتيين بشارع الحرشة انهار قبل تسليمه بأيام، وأن نقول أن تكسية مدخل المدينة في اتجاه بن احمد بالإسفلت انهار جزء منها على مقربة من إقامات المنجل لأسباب يعرفها الرئيس قبل الآخرين ليستعين بنفس الشركة لترقيعها باستقدام إسفلت بارد من مخلفات مشاريع أخرى ببني ملال لدر الرماد فوق عيون المنتقدين…..وصولا إلى مشروع تهيئة ساحة الخزانة البلدية التي يتم الاستعانة بشاحنة بصهريج لملأ نافورتها في بداية اشتغالها، بعدما لم تتمكن المقاولة المفوض لها بتدبير الصفقة من إنجاز شبكة ربط النافورة ببئر لا يبعد إلا ببضعة أمتار، قبل ان يتدارك الموقف ويعيد اصلاحه بعد سيل المقالات حول الموضوع، يضاف لها مشروع تهيئة المدارة الطرقية لمولاي إسماعيل المعروف بمشروع الألواح الطائرة بعدما تطايرت ألواح الحديدة المرصعة بمصابيح الإضاءة التنشيطية في هوامش المدارة المذكورة مع أو هبة نسيم، حديقة الغولف الملكي التي تدخل عامل اقليم سطات لدى جماعة سطات لانقاذها واعدادها لاستقبال السطاتيين قبل الصيف بعدما فشل المجلس الإقليمي في اقناع المقاولة في اتمام أشغالها، الطريق الفاصلة بين الدائرة الامنية الرابعة والمركب السياحي البلدي التي تتحول إلى مسابح كلما تهاطلت التساقطات…
“حصلة” بالجملة في مشاريع سطات كانت تقتضي من رئيس المجلس الإقليمي، القيام بجولة تفقدية على هاته المشاريع ليلا، حتى يتسنى له الاضطلاع عن كثب عما أنجز لأداء وظيفته وعن المشاريع التي ولدت ميتة، قبل أن يغادر مدينة سطات صوب أدراجه بالبيضاء…
يا أستاذنا إن كان يطيب لك هذا اللقب؛ لكن يجب ان تعلم أن مواطني سطات اليوم لا يريدون أن يسمعوا حصيلة عن برامج مستقبلية ومخططات استراتيجية، ومخططات لإنعاش المنطقة الصناعية وتوفير فرص الشغل امام عدسة الكاميرا فقط،…و ….و….و…. الناس يريدون فقط في هذا الظرف أن يعرفوا لماذا تولد مشاريع المجلس الإقليمي في قنينات أنابيب، فالإجابة عن هذا اللغز الذي ليس بالعصي، قد يفتح شهية رعايا صاحب الجلالة بإقليم سطات لسماع خطاب “الحصيلة” أو “الحصلة” لمشاريعكم إذا كانت، سموها كما تريدون، وإلا فإن الصمت حكمة، ورحم الله عبدا عرف قدر نفسه.
إن درس “اللى اختشوا ماتوا” يؤكد أن الدعاية، مهما كانت كثافتها، لا يمكن أن تنقذ فيلما محتشما ومتواضعا يحكي قصة مشاريع عرقوبية….