عندما تنهار أخلاقيات السياسة تبقى الحربائية

عندما تنهار أخلاقيات السياسة تبقى الحربائية

طالما شكلت قصص الحيوان في حياة الشعوب، أمثلة للتشبيه والإسقاط على البشر، لكن واحدة من أدق الأوصاف التي أطلقت على الإنسان المتقلب في رأيه بخاصة في عالم السياسة أنه “حرباء”، فكثيرا ما يوصف المتلونون من الساسة بأنهم تزينوا بزي الحرباء، حينما تقتضي مصالحهم الذاتية أن يسلخوا جلدهم ويلبسوا جلدا آخر لتمرير رغباتهم والحصول على مآربهم، فهم يرون أن لكل عصر لباسه، أما الموقف المبدئي الحازم والثابت فهو ضمير مستتر أو غائب ولك ان تقدره كما تشتهي، حيث يجوز الوجهان إذا تطلب الأمر اخفاءه أو إظهاره تبعا لمطامعهم ومتغيرات الأحوال.

حين تتحول الممارسة السياسية إلى عبث فإن أي فعلٍ ينتج عنها سيكون عبثيا منسلخا عن أدبياتها وأخلاقاتها، خصوصا عندما يتحول السياسي إلى حرباء يسائل كبرلماني في قبة البرلمان بلون حزب ويخاطب بلون مغاير داخل مقر حزب آخر لحشد موالين له، عندما يمثل المنتخب الساكنة داخل المجالس المنتخبة بلون حزب ويصارع بحثا عن تجويد تصنيفه في لائحة المرشحين المحتملين بلون حزب آخر عبر حضوره لاجتماعاته وولائمه وانشطته، عندما يحضر المنتخب لدورة مجلس جماعي بلون حزب مرافعا دفاعا عن آمون حزب آخر، بل منهم من يمثل حزب معينا في مجلس جماعي ويوزع القفة الانتخابية دعاية لحزب آخر، بل الأدهى أن المسار التدبير للبعض مرصع بلون أزيد من 9 أحزاب مفتخرا بذلك، لكن متناسيا أنه تحول إلى ما يشبه المومسة التي تقف على رصيف الشارع تبيع شرفها لكل من يدفع أكثر….

ممارسات رعناء تشابه بكثير ما يطلق عليه “زواج المتعة” بمدلوله الراقي و”الدعارة السياسية” بمفاهيمها الزنقوية، حيث لم نرها سابقا في العمل السياسي، ولكنها أصبحت شائعة وواضحة خلال السنة الأخيرة، بل أصبحت ممارستها سلوكا سياسيا واضحا وضوح الشمس، يلقي بآثاره المدمرة على حياة المجتمع وينسف الثقة بين المواطن وبعض الأوكار السياسية، بل إن هذه الممارسات ستوسع لا محالة الهوة التي تفصل (الناخب) عن صناديق الاقتراع.

أيها الساسة الكرام؛

لقد أصبح العبث السياسي الذي يمارسه بعض ساستنا نهجا وثقافة لغالبيتهم، بل قد يتأثر به الجيل الجديد من الشباب، الذين يعتقدون بهذه الممارسة أن هذا هو النوع الصحيح عبر تقمص دور الحرباء، التي تتلون بطيف كل الأجسام المحيطة بها، ما ينتج حالة من الفوضى العامة غير مسبوقة بعيدا عن العمل السياسي الرزين، لذلك على الجميع تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن أمام هذه الانزلاقات السياسية، فكيف يمكن تقبل أن سياسي لا زال ينتمي لحزب معين ويمارس مهام ومسؤوليات باسمه وفي نفس الوقت يقوم بالحركات الإحمائية مع حزب آخر استعدادا للاستحقاقات القادمة دون أن يكلف نفسه بكل تجرد ومسؤولية تقديم استقالته من الحزب الأول من جهة ودون تدخل حزبه لردعه أو فصله عن المزاوجة بين حزبين من جهة ثانية وكأن واقع الحال يقول “الشرع عطا للسياسي 4 أحزاب”.

أيها الساسة الكرام؛

لقد سئم الشعب وعودكم وعبثكم وتلاعبكم وخصومتكم وصراعاتكم، وعليكم أن تعوا ذلك جيداً، فالمواطنون ليسوا سذجا لتتلاعبوا بحقوقهم ومشاعرهم ومقدرات وطنهم، فحكموا عقولكم قبل فوات الأوان، فالشعب يريد سياسيين يحكمون ما تبقى من ضميرهم ويحترمون أنفسهم، قبل أن يحترموا الأصوات الناخبة، فهل ستعودون لرشدكم قبل فوات الأوان؟

ملحوظة: أي تشابه في الشخصيات والاحداث ليس وليد الصدفة بل باكورة لتشخيص الواقع