افتتاحية سكوب ماروك.. سياسيون بالشاوية يراهنون على “الشوافات” والأضرحة لحسم الانتخابات
انتعش سوق الشعوذة بإقليم سطات بعدما حددت وزارة الداخلية سنا تواريخ الاستحقاقات الانتخابية، حيث اضطر عدد من الساسة المصابين بهوس مناصب المسؤولية إلى التردد على أوكار العرافات “الشوافات” وكذا زيارة مقرات “أضرحة” ما يقال عنهم أولياء الله الصالحين المنتشرين بالعشرات في مختلف ربوع عروس الشاوية، حيث أن غاية هؤلاء إما طلب العون لكف يد السلطات التي تلاحقهم عادة بتهم الفساد المالي والإداري أو تطويع معارضيهم، وإما رد كيد المتربصين والمنافسين لهم.
عاين سكوب ماروك تردد أحد السياسيين المزمع تقديم ترشيحهم للانتخابات التشريعية بالدائرة الانتخابية سطات ، خلسة بالليل على بيت أحد “الشوافات” بحي سيدي عبد الكريم بسطات مرفوقا برئيس أحد الجمعيات الرياضية، ما يرجح لجوئه لها لدرء خيبات الأمل والهزائم التي توالت عليه بعدما تخلى عنه أصدقاء الأمس، وأملا في جلب الحظ له لاستمالة منتخبين جدد لمؤازرته في الانتخابات.
السياسي المذكور، ليس الوحيد بإقليم سطات الذي يلجأ للدجل، بل عمد آخر لوضع مستشاره في جمعية تدبر أحد ما يزعم عنه ضريح ولي صالح بمنطقة سيدي حجاج، وهو نفس الشيء الذي حدا ببرلماني لدفع زبانيته لتجديد جمعية تعنى بتدبير ولي صالح آخر على مستوى منطقة راس العين الشاوية، في وقت تفرغ برلماني آخر لزيارة شوافة أخرى تسمى “مولات اللدون” على مستوى حي بنقاسم بسطات، بل جعل سياسي آخر مقرات ثلاثة أضرحة تحيط بمداخل جماعته الترابية كيافطة لدعايته الانتخابية القادمة المقبلة.
نهج بعض ساسة سطات الذين استعانوا بالسحرة والمنجمين لمعرفة صحة خطواتهم ومواقفهم، ومحاربة المتربصين بهم، يعيد إلى الذاكرة عددا من الأسماء السياسية التي اشتهرت بالاستعانة بالدجالين، من قبيل الرئيس الفرنسي السابق “فرانسوا ميتران” الذي كان يأخذ بنصائح أشهر منجمات فرنسا “إليزابيث تيسييه”، حتى أن “ميتران” سأل عشرة منجمين عن شخصية الرئيس العراقي السابق “صدام حسين” بعد احتلاله للكويت، يضاف له الرئيس الأمريكي السابق “جورج بوش” الأب استشار العرافة “كريستين داغوي” في تحديد موعد بدء عملية “عاصفة الصحراء” لتحرير الكويت، وأيضاً الرئيس الأمريكي السابق “رونالد ريغان” ربطته علاقات قوية بالكثير من السحرة والمنجمين، وعين ثلاثة منهم مستشارين له في البيت الأبيض، وكذا الرئيس الأمريكي السابق “جيمي كارتر” اعترف أن عرافة مصرية تنبأت له بالرئاسة من ستينيات القرن العشرين…
صدقا، إن مختلف الأديان السماوية تنظر للسحر باعتباره تطاولا على الله وتحدياً لمقدرته، لأنه يدفع باختراق النظام الكوني الذي خلقه الله، ويستعين بالشيطان وبالجن المتمردين على الله، وتردد بعض الساسة على الكهنة والدجالين لن يغير الواقع والتاريخ السياسي لكل منهم، فكل واحد منهم معروف برقصته، ويكفي التذكير أن الرئيس السريلانكي السابق “ماهيندا راجاباكسا” دعا إلى انتخابات مبكرة في العام 2015 بناء على نصيحة من عرافه الخاص، لكنه خسر في الانتخابات، مما دفع بالعراف المشعوذ للهرب…
إنّ للسياسة سحرا خاصا، وما يزعم عنهم النخب السياسية وإن كانوا بالفعل ليسوا سحرة ولا يمتلكون العصا السحرية، فإنه من المؤكد أخلاقيا أن لا يقدموا الوعود المعسولة التي يعجزون على تحقيقها ميدانيا، بل على الأقل أن يكون لهم ضمير من المسؤولية المهنية والاحترام من جهة ومالكين في جعبتهم زادا من المعرفة والثقافة قد توفر لهم الحلول والبدائل لملامسة تطلعات الناخبين من جهة ثانية، وهو ما يتجاهله قصدا بعض ساستنا الذين يريدون الامتيازات دون أن يبتكروا للمواطنين الحد الأدنى من الحلول.