سطات: صرخة نملة.. الأسود لا يليق بك يا مدينتي

سطات: صرخة نملة.. الأسود لا يليق بك يا مدينتي

أبدعت الجميلة أحلام مستغانمي بحروف تفيض غنجا ودلالا رائعتها “الأسود يليق بك”، غاصت في عالم تتقاطع فيه الرغبة الجامحة بالحزن العميق، في قصة إنسانية تخطف الالباب، لا أعرف السبب الذي جعل هذه الرواية تشدني بقدر جعلني أستفيق مفزوعا بعد أن تمزق الخيط الناظم الرفيع الذي يفصل علياء الحلم بالأمر الواقع.

سطات الوديعة، الجميلة، الهادئة واليتيمة لا تستطيع نزع لبوس الحداد وهو أمر واقع، لا يختلف حوله إثنان، المستفيد من مقدراتها يقر بأنها في حداد، وخائب الرجا من لم تسعفه ظروفه للاستفادة يقول أيضا بأنها في حالة حداد، المواطن البسيط لا تخطئ عينيه كون ملامحها شاحبة أعينها جاحظة يرتسم الأسى ببشاعة على ملامحها…

ماذا يحزنك يا سطات .. ما الذي يبكيك يا جوهرة؟

أ هو ماضيك المسروق..

حاضرك البئيس..

أم مستقبلك المجهول ..

انطلق من مدة تسابق محموم لعدد من النافذين ولوبي العقار وبعض المتواطئين من المسؤولين بحثا عن الأنفال بعدما تناهي إلى مسامعهم أن تصميم التهيئة لمدينة سطات دخل غرفة الإنعاش بمستعجلات عمالة سطات، حيث إن منون أثره القانوني يومه الأحد 29 ماي 2022، ليتم تشييع جثمانه وسط حشد من المجتهدين في قراءة فنجان مستقبل توسع مدينة سطات.

أتذكر، أني ومعي “الآخر”، حين نشاهد ساعة الزمن متوقفة بمدينتنا، لا مشاريع ولا برامج، أللهم ترقيع ما يمكن ترقيعه في أفق انقضاء الخمس سنوات الذهبية من عمر ولاية التدبير، لا نطرح السؤال تلو السؤال، أو ليس من يدبر وليد إرادتنا ورغبتنا إما بالتصويت أو التصويت المضاد أو المقاطعة، أو ليس مدبر الشأن المحلي هو مرآة لتوجه مجتمعنا المحلي وإرادته النزيهة أو غير النزيهة ، لا يهم مادام الأمر مقضي بالضرورة، ومساهمتنا ولو بالاعتصام بالمقاهي وأمام شاشة التلفزة بالبيوت يوم الاقتراع في نهاية سنة 2021 تخدم بشكل مباشر محصلو أكبر عدد من الأصوات، الذين تشكلوا في خميس ترصعت هوامشه بطابور خامس من الموظفين الممثلين لعدد من المصالح اللاممركزة في علاقات تثير الريبة كانت إلى حدود الأمس متوثرة، قبل أن ينصلح حالها بقدرة قادر اليوم مع بزوغ سنا أول أجورة في تصميم التهيئة.

عشرة سنوات مضت بسرعة البرق على تصميم تهيئة صنع مجد العديد ورفع شأن عائلتهم في وقت استمرت مدينة سطات المعطاء الصبورة، راكموا المكاسب والغنائم والاعطية والنفوذ، فأين هم اليوم منك وأنت تحتضرين بصمت وجلد تحسدين عليه، هل ما زالوا يحاولون بنفس النهج والنمط استنزاف ما تبقى من رحيق شهدك، كأنهم يظنون أن مواطني الأمس هم نفس مواطني اليوم، دائمي الخنوع والانبطاح، ما يعتبر تشجيعا ماديا ومعنويا منا للسادة “الباطرونات” في تنطعهم على القانون، في إحالة إلى الفيلم المصري “صرخة نملة”، غير أن واقع الأمر يقول: خاب ظنكم، فلا السكر “الحلاوة” بات يستهوي مستعمرات النمل.

أكاد لا أشعر بالابتسامة وهي تنفلت من بين شفتاي، كل ما قرأت أو سمعت كلاما أو لغوا عن المواطنة أو تشجيع الاستثمار، وكل من المسؤولين يجتهد في رمي الكرة إلى الاخر ولا يدخر جهدا ولا وسيلة لإلباسه أمراض وأعطاب المجتمع، رغم أن الاخر هو دواتنا العاقلة أيضا.

مدينتي سطات، لك الحق أن تحزني، وتتوشحي بالسواد ما دام الفضلاء من أبنائك يستمرون في الصمت، يستمرون في التطبيع مع الواقع، يستمرون في الاكتفاء بلعن الظلمة التي تخيم على سمائك، يستمرون في تزكية البشاعة والقبح، مادام ذوو النوايا الحسنة من أبنائك مختلفون حول مداخل الإصلاح ومخرجات الحلول، ما دامت نخبك تتسابق للدوس على القانون لتحقيق المكاسب تحت يافطة شعارات رنانة “المواطنة وتشجيع الاستثمار”.

مدينتي سطات، لا تستحقين كل هذا العبث الذي يحيط بك نتيجة البحث عن شهد العسل، فهذا يحاول سحب البساط من الملك الغابوي في إشارة إلى مسلك خلف الإقامة العاملية على مستوى الطريق الوطنية رقم 9 عبر ما يسمى “نزع المكية” لتحويل مسلك غير معبد من ملكية المياه والغابات إلى ملك جماعي ليس بحثا عن المنفعة العامة، بل إرضاء لمجزئ عقاري يطمح إلى تقريب عملية ربط مشروع تجزئته العقارية بشبكة التطهير بأقل التكاليف، والآخر يحاول جعل تصميم التهيئة مطية لتمرير طريق تحمل رقم 161 فوق رسم عقاري محفظ لإنجاز منفذ لمشروع مستثمر خاص بدعوى المنفعة العامة، علما أن الرسم العقاري المذكور مسيج في إطار مشروع مرخص تحت رقم 99/98/396 يحميه المشرع القانوني وفق المادة 1-54، المتأتية من الدليل الخاص بالقانون رقم 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 19 شتنبر 2016، علما أن الإنذار والأمر بالهدم لا يمكن تأويله إلا برقصة الديك المذبوح، وهؤلاء تم معاينتهم يترددون رفقة لوبي التعمير على احد مقاهي ضواحي المدينة لمناقشة طريقة توزيع الكعكة من خلال البحث عن الأراضي والأملاك المهجورة او متعددة الورثة كطريق كيسر وبجوار مصلى الملحقة الادارية الاولى، وآخرون حولوا منازلهم إلى فضاءات لاستقبال ضيوف يتدارسون على نار هادئة كيفية طهي ولائم التعمير، في حين سال لعاب البعض على المساحات الخضراء التي ينتظر أن تشهد مشاريعهم العقارية لناطحات السحاب الاقتصادية في أفق تصميم التهيئة الجديد بجوار ثانوية الرازي وقرب مدرسة الشاوية الخاصة….

ولا هاذا الكم من الانتهازيين الذي يتربصون بك، لكن لحسن الحظ فالتاريخ يخبرنا بأن الليل مهما طالت حلكته يزيحه صبح أنيق، وحتى لو عجزنا اليوم على أن نمنحك ما تستحقين، فلا بد من يوم يزحف لنصرتك  فرسانك الحقيقيون ممن يعتبرون بأن قوتك من قوتهم، وتألقك من تألقهم، وجمالك من جمالهم، وعظمتك من عظمتهم..

مدينتي سطات، بصدق الأسود لا يليق بك…  وأتذكر، أني وآخرون، طيبون لدرجة السذاجة، ماهرون في النقد، لا يعجبنا العجب ولا الصوم في رجب، نحن مواطنون متحدون لتقريع الآخر والآخرين الذي هو كما قلت سالفا نحن بدواتنا العاقلة.

بإمكاننا جميعا أن نصنع ربيع عشقنا للمدينة من خلال ممارسات ملموسة، وعوض انفاق الساعات في لعن الظلام نستطيع إيقاد شموع على محدودية إنارتها فهي قادرة على إنارة الطريق وسط عتمة ظلام الانتهازيين…