و حسااااااان.. سطات خاصها عامل !!!

و حسااااااان.. سطات خاصها عامل !!!

مطلع سنة 2019، استوى عامل إقليم سطات على كرسيه بالطابق الثاني من مقر عمالة سطات، رتب لجولة قادته للعديد من المؤسسات والجماعات وكانت جماعة سطات من بينها، إلى هنا يبدو الأمر طبيعيا، فالأمر مرتبط بالأساس بزيارة تواصلية تدخل في إطار المجاملة والبروتوكول أكثر منها مباشرة للملفات العالقة.

صدقوني يا سادتي،

ما استرعى الانتباه حقيقة خلال اللقاء التواصلي المذكور مع منتخبي سطات هو طبيعة  النقاش، فالعامل نظرا لمنصبه الحساس على رأس هرم الإدارة الترابية للإقليم، لا بد وأن يكون اضطلع بما يكفي على مجريات الأمور بالإقليم، وغاص في تشخيص الحياة الثقافية والسياسية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية للمدينة، وخبر جيدا من خلال الملفات التي وجدها على مكتبه كل تمفصلات تدبير المدينة، منذ أن وضع حجر الأساس لبناء مقر البلدية إلى آخر دورة من دورات المجلس، وحين تناول الكلمة لم يقل أكثر مما قيل من طرف كل العمال والولاة الذين سبقوه، على اعتبار أن تشخيص الوضع الحالي للمدينة ليس في حاجة للمزيد من الاجتهاد، وواقع الحال يتحدث عن نفسه ما دام التردي الصارخ لكل الخدمات الحيوية بالمدينة هو سيد الموقف.

من حق عامل سطات الجديد آنذاك إلى أن وصل الآن ما يناهز الأربع سنوات بمدينة سطات، أن يقول ما يشاء بما أنه سار على منوال سلفه، الذي صبغ المدينة بالأحلام الوردية والتصاميم والمشاريع، التي ستتحول هي الأخرى إلى عالة على المدينة بمجرد مغادرته للإقليم في حركة انتقالية، لتكتشف الساكنة واقعا أكثر قتامة عما كان، ما يرجح أن المسؤول الترابي الحالي على إقليم سطات، يجسد اليوم نموذج آخر شاهد لاستمرارية المرفق والإدارة وتطبيق المقولة “كم حاجة قضيناها بتركها”، فالعامل الذي سبقه دشن ملاعب للقرب على طول شارع الحسن الثاني بمناسبة عيد العرش المجيد، وبمجرد مغادرته بقيت دون ربط بالماء والكهرباء، كما دشن مشروع أكبر علامة تجارية على مقربة من الإقامة العاملية يضم فندق ومحطة وقود وفضاء تجاري، لكن لا شيء من ذلك أنجز وبقيت الألواح القصديرية تحيط بموقع المشروع جسدا بدون روح.

صدقوني يا سادتي،

إنها حالة من الترقب، من الجمود، ومن الانتظارية القاتلة تعيشها كل دواليب الحياة التنموية بمدينة سطات، فأبناء الشاوية وسطات بالخصوص، كانوا ينتظرون من ممثل صاحب الجلالة على تراب إقليم سطات أن “يخوض معركة تنموية” من أجل تنفيذ الالتزامات الحكومية بهذه المنطقة ومواصلة المشاريع التي انطلق إنجازها، لكن هل كان وقته يسمح؟ بل هل الأمر في الأساس يشكل أولوية في رزمانته الزمنية؟

ليعذرنا خنوعنا لتقليب المواجع على هذا المسؤول، والنبش في انجازاته، فلا شيء أنجز ولا شيء تحقق اللهم أعمال بروتوكولية، وكذا المصادقة بطريقة ميكانيكية على الميزانية في مشاريع ولدت معظمها معاقة مع احترامي لذوي الاحتياجات الخاصة.

اليوم، عامل إقليم سطات، قاد بشكل أو آخر أكبر مشروع بالإقليم، الذي اعتبره سكوب ماروك في وقت سابق “كعكة القرن” عبر تهيئة بحيرة الغابة الحضرية بالملايير، لكن إطلالة خفيفة في عين المكان ستكشف بإمعان أن رائحة “بوخرارة” تستقبل الزوار من مدخل الغابة الحضرية لسطات على مقربة من مدارة جامعة الحسن الأول، بل يمكن أن يشمها زائر المدينة من المدخل الشمالي على طول الطريق الوطنية رقم 9، دون الحديث عن مكونات المشروع التي يقال إنها التهمت الملايير، فلربما يود المسؤول الترابي الحالي أن يترك هذا الوضع القاتم على غرار سلفه إلى الوافد الجديد على رأس الإدارة الترابية بإقليم سطات كتركة منه إليه، وهو نفس الشيء الذي يمكن أن يقال على تفعيل مذكرتي وزارة الداخلية حول تنازع المصالح التي تم تفعيلها في وجه البعض واستثناء محظوظين في ظروف مريبة، وذلك في انتظار الوافد الجديد على سطات لمواصلة أجرأتها وتعميمها في ظروف تضمن شروط الشفافية والموضوعية، دون الحديث عن التيجان المرصعة بالأضواء التي كانت مثبتة في المدارة الطرقية لمولاي إسماعيل والمدارة الطرقية الحرية التي تم اختفائها في ظروف مشبوهة رغم التهامها الملايين في إطار مشروع “برنامج التنمية الحضرية”، الذي رصدت له الملايير لو صدق تنزيلها بالحكامة اللازمة لكان الشارع الرئيس النابض لمدينة سطات يشبه شارع “جينلي تشنغدو” بالصين أو شارع “لومبارد” بسان فرانسيسكو، أو شارع “كامينيتو لا بوكا”، ببوينس آيرس بالأرجنتين…، عوض ترييف المدينة بسلوكات دخيلة تحن للعصر الجاهلي وتشبه إلى حد كبير رحل الصحاري الذين لا يفطرون إلا بحليب النوق والمعز…

صدقوني يا سادتي،

أدوار المسؤول الترابي، أكبر من أن تختزل في كونه بطن يجلس على الكرسي أو مناسبة للالتقاء على أكواب الشاي وقنينات الماء المعدني والحلوى في عدد من الاجتماعات الروتينية، بل يمكن حصرها في ضرورة إستيعاب أن هذه المدينة الأرملة أبتليت من حيث لا تدري بمن لم يقدر كونها جوهرة يتيمة و جواد تخلى عنه الفارس..

أنا ومعي حاضر ومستقبل هذه المدينة، وكل ذوي النوايا الحسنة، وكل من يحلم بغد أفضل، وكل من يؤمن بأنه مواطن داخل هذا الوطن، نسينا الوعود السابقة بتحويل سطات إلى توأمة لمدينة الفجيرة بالإمارات وجعل مدخلها الشمالي يشبه المدن السويسرية وكذا توأمتها مع مدينة الجديدة، فذلك أمر تحول إلى أضغاث أحلام من ذكريات من الماضي، لكن بفكر جيل اليوم ومروءة الأجداد أطالب بجرد المشاريع العالقة والمتوقفة، والنبش في مكامن الخلل، ونفض الغبار على مختلف المتورطين في صياغة وإخراج كذا مشاريع، مع إعمال ربط المسؤولية بالمحاسبة في وجه كل المتورطين الذين دشنوها ودفعونا لبهرجة مشاريع قدمَت للساكنة في قالب، وبعدها طار كل شيء وبقي القالب منصوبا لكل من يحمل في نفسه شيء من حب مدينة سطات الضائعة.

صدقوني يا سادتي،

مدينة سطات في حاجة لربان جديد لقيادة التنمية داخلها، فالعامل الحالي لم يعد قادرا على ملامسة تطلعات ساكنتها التواقة للتنمية الجادة، خصوصا بعدما تناهز مدة  تعيينه الأربع سنوات، حيث أنه كون علاقات تآلفية (ألفة) مع ساكنتها من أعيان ومستثمرين ومنتخبين وممثلي المصالح الحكومية والوزارية داخلها، ما جعلهم يشكلون ما يشبه عائلة كبيرة يسودها الإخاء والمودة، حتى أنه على سبيل التشبيه فقط، فإن “الحيازة في مجال العقار” تبيح إمكانية تملك العقار بعد مرور مدة طويلة شريطة الحصول على شهادة إدارية تعتبر بمثابة رسم الاستمرار، يستند عليها لإعداد لفيفة عدلية تفيد الحيازة والتملك، فهل يمكن تمليك إقليم سطات؟

ربما اختصر أبو قاسم الشابّي حالنا بجملة، “ومن لا يحبّ صعودَ الجبال يَعِش أبدَ الدهرِ بين الحُفر”، لكن لم يعلم هذا الشاعر القدير ما يمكن أن يملأ تلك الحفر من ظلمٍ ووجعٍ وقسوة، ومن سخرية القدر أنّ الجملة المذكورة أتت في قصيدة عنوانها “إرادة الحياة”. ولكن هل ما زلنا نملك إرادة الحياة داخل مدينة سطات؟