حتى أنا مسؤول !!!

حتى أنا مسؤول !!!

مع كل ما يجري ويدور داخل الساحة السطاتية، التي ضاقت بالخلافات التي تنتصر للأنا على حساب المصالح العليا للمدينة والساكنة، يحق لأبناء المدينة من الشرفاء والبررة، أن يتساءلون: هل يستحقون مسؤولين ورعايا غارقين في صراعاتهم؟ وهل انتهت مشاكل التنمية، حتى تتحول جماعة سطات إلى كيس ملاكمة يستعرض فيه الفرقاء عضلاتهم؟

المواطن يطالب بالتغيير، والسياسي يقود حملته الانتخابية تحت شعار التغيير، والمجالس المنتخبة تقدم وعودا بالتغيير، والوافدون على عاصمة الشاوية من ممثلي القطاعات الحكومية في إطار حركة انتقالية ترمي إلى التغيير…، فهل تبادر إلى ذهن أحدهم أنهم أحد أسباب هذا الواقع البشع، فالمواطن الذي يطالب بتحرير الملك العمومي وتحرير الرصيف، تجده يتسابق إلى الطاولات الأولى على أرصفة المقاهي، ويتهافت على باعة الشوارع او يحول محيط منزله إلى مستعمرة…

يا سادتي الكرام؛

المواطن يستنكر تدبير الشأن المحلي من طرف منتخبين دون المستوى، ويتناسى بأنه من حملهم إلى دفة التسيير إما بالانتخاب أو بالمقاطعة او عبر بيع صوته.. مواطن يشجب ترييف حاضرة الشاوية ويستنكر انتشار الدواب، ويتناسى بأن جيرانه من يعقلون دوابهم داخل الأحياء السكنية دون ردة فعل منه، بل قد تجد ابنه يربي الكلاب ليتقاسمون معه نفس الشقة…

مواطن يلعن غياب النظافة وتقاعس الشركة المفوض لها بتدبير القطاع، فهل تذكر أحدهم أنهم من يرمون نفاياتهم خارج الحاويات بصفاقة، في أركان الأزقة والشوارع دقائق بعد مرور الشاحنة المسؤولة، أو ربما ابنه قد يكون أحد أسباب تكسير الحاويات في الشوارع.

يا سادتي الكرام؛

مواطن بثوب الصحافة يستغل غسيل كليات جامعة الحسن الأول لإطلاق أسطوانته في محاربة الفساد، وبالمقابل تجده يتسابق لنيل مقعد في مدرجات الكلية بدعوى التستر على الفضائح السالفة، دون استيفائه للمعايير العلمية.

مواطن يطالب بتوفير الأمن بمحيط المدارس، لحماية فلذة كبده من الانحراف، ويتناسى أنه من انسلخ عن دوره الأسري بترك ابنه في الشارع إلى أوقات متأخرة من الليل، دون ان يكلف نفسه عناء مراقبته وتتبع مسار نموه.

يا سادتي الكرام؛

مواطن يطالب بالإشارات الضوئية وممرات الراجلين، ويسقط منه أنه من يخترق إشارة المرور بعد شرائه لأول مركبة، ونفسه من يتحرك في الشوارع راجلا في جميع الاتجاهات دون أن يسلك ممر الراجلين.

مواطن يطالب بتجويد التعليم، وتناسى أنه من يشجع ابنه على التفاهة ونشرها على الانترنيت لرفع عائداته المالية من “اليوتوب” أو “الأنستغرام” أو “التيكتوك”.

سياسي ينعت الآخرين بالفساد والاقثثات من السياسة، وتناسى أنه بعد اعتلائه المناصب ينطلق في البحث عن “الهَوْتَة” بنفس الطرق السالفة وربما أكثر…

أجل يا سادتي الكرام؛

لست بصدد التعميم، ولا تحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك، لكنها الحقيقة المرة، بأننا نتكلم عن كل شيء، وننتقد كل شيء، إلا سلوكنا ومسؤوليتنا ولو بالصمت، ولو بغض الطرف، ولو بالاستكانة للتعليل الجاهز، ما يجعل مدينة سطات كلها كعكة، فقط كل فرد يأكل منها بطريقته…

يا سادتي الكرام؛

إن الكرة في ملعبِ هذا الجيل، الجيل الذي قد رأى واستنتج، وتألم ولم يتعلم بعد، الجيل الذي آن الأوان ليقلب كل الموازين، وليغير ما يحتاج التغيير، وليضع كل ذي منزلة بمنزلته، أو فليرتض التنحي والحيادية، وليبق كمن سبقوه حتى يشيخ ندما، يوم لا ينفع ندم ولا حسرة.

يا سادتي الكرام؛

عوض أن نجتهد في توصيف الظلام ولعنه طول الدهر، فلنشعل شموعا، تنير الدرب وفق ما تقوله الحكمة الصينية “أن تضيء شمعةً صغيرةً خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام”، وعوض تحميل الآخر المسؤولية، فلنتذكر أن الآخر بصورة أو أخرى هو نحن أو بمعنى آخر “نحن من صنعه”… فهل تتوفر لنا القابلية لعقد جلسات نفسية مع ذواتها ومحاكمتها أو ربما إعادة توجيه بوصلتها في إطار تشخيص وتقييم ذاتي؟