تخليدا لليوم العالمي للمرأة.. الأستاذة فضمي رئيسة لجماعة سطات بفكرها لا بشهادة ميلادها!

8 مارس من كل سنة، في هذا اليوم العالمي للمرأة، الذي تحتفل فيه الإنسانية بإنجازات النساء في شتى ميادين الحياة، نجد أنفسنا أمام نماذج مشرفة صنعت الفارق في وقت عجز في الرجال عن ذلك.
سادتي الكرام؛
اخترت لكم عبر هذه النافذة تسليط الضوء على امرأة جمعت بين الحزم والحكمة، وتحدت الصعاب بعزم لا يلين، تلك هي الأستاذة ندية فضمي، رئيسة المجلس الجماعي لسطات، التي تولت المسؤولية في ظرف عصيب، تعيش خلالها عاصمة الشاوية أحلك أيامها، لكن في زمن قياسي لم يتجاوز ستة أشهر، بزغ تأثيرها واضحًا منذ اللحظة الأولى.
في فترة قصيرة، استطاعت “الأستاذة ندية” أن تثبت أن القيادة لا تُقاس بالجنس، بل بالعقل والرؤية السديدة للململة الشظايا المتطايرة، فقد أثبتت قدرتها على ملامسة مختلف الجوانب التي كانت عصية إلى حدود الامس، أو بالأحرى التي كانت تتطلب جرأة وشجاعة في اتخاذ قراراتها، أبرزها تحريك عدد من الملفات الراكدة لنسوات، فضلا على طرق باب جلب الاستثمارات إلى مدينة سطات، وجعلها نقطة جذب للمشاريع التنموية، التي لم تكن لتتحقق لولا حكمة تدبيرها ورؤيتها المستقبلية، لكن مع كل هذه النجاحات، لم تسلم السيدة من موجات الانتقادات، التي اعتادت النساء في مواقف القيادة أن تواجهها، وإن كانت تلك الانتقادات في غالب الأحيان تتسم بنوع من التجني والظلم.
سادتي الكرام؛
في خضم هذا الزخم من التحديات، ظهرت أصوات بين الفينة والأخرى، تحاول النيل من مكانتها، بحجة أنها ليست “ابنة سطات” لانحدارها من أصول “فاسية”، لكن هل فعلا المعيار في القيادة هو الانتماء الجغرافي أم القدرة على تقديم العطاء الملموس؟ هل من العدالة أن نقيم شخصًا بناء على أصله وليس على إنجازاته؟ فالأستاذة ندية، على الرغم من أنها قد تكون قدومها من مكان آخر لكن ترعرعت رفقة عائلتها بين أحضان الشاوية، فضلا على أنها أثبتت من خلال أعمالها وإصرارها، أن القيادة لا تحتاج إلى شهادة ميلاد محلية من بلدية سطات، وإلا ماذا فعل سلفها ممن كانوا يزعمون انهم أبناء بررة للشاوية، بل الحقيقة أن الريادة والقيادة الحقيقيتين تحتاجان إلى إبداع وتجديد وفهم عميق لمتطلبات الزمان والمكان.
سادتي الكرام؛
يجب علينا، كأفراد ومجتمع، أن نرفع من قيمة هذا النموذج النسائي الذي طالما حلمنا به. أن ندعمه ونسانده بدلًا من أن ننتقده لمجرد أنه خالف التقليد، أو أنه كان أول من سار في طريق غير مألوف. فهي لا تمثل سطات وحدها، بل تمثل المرأة المغربية التي تحارب كل يوم من أجل مكانها في مجالات، كان يظن البعض أنها محصورة في الرجال.
إن دعم هذه التجربة الريادية ليس ترفًا، بل هو ضرورة تقتضيها المرحلة التاريخية التي نعيشها، حيث تدل على أننا في طريق نحو بناء مجتمع يقدر الكفاءة ولا يساوم على المساواة.
سادتي الكرام؛
إن كان الفايسبوك قد يظن أنه قادر على كشف العيوب والنبش على الثغرات، فإن النساء هنَّ أكثر من يملكن القدرة على صنع الفارق، والحديث عنهن لا يتوقف عند الواجهة، بل يستمر في عالم الإنجاز الذي لا يتوقف. وفي النهاية، يبقى أن نذكر أن كل نجاح، مهما كان صغيرًا، هو خطوة نحو تحقيق المساواة. وكل امرأة قائدة هي مثال للأجيال القادمة، سواء كانت من سطات أو من أي بقعة أخرى على هذه الأرض الطيبة.
صدقوني سادتي؛
تظل الأستاذة ندية فضمي، نموذجًا فريدًا يحتذى به في عالم القيادة النسائية، ولكن هذا النموذج ليس وحيدًا في مسيرتنا المغربية، بل هو جزء من دائرة واسعة من النساء اللواتي يجتهدن ويصنعن الفارق في صمتٍ وبعزم.
هنالك العديد من النماذج الخفية، منها أمي وأختي وزوجتي وابنتي وأخريات…، اللواتي يجب أن تبرزن في المشهد العام، وتسلط عليهن الأضواء، لكي نكسر الصور النمطية ونحتفل بتنوع الإنجاز النسائي في مختلف المجالات.
فلن يقتصر النضال من أجل تمكين المرأة على دعم واحدة فقط، بل هو دعوة لاستكشاف كل القصص التي لم تروَ بعد، لكل امرأة تعمل خلف الأضواء من أجل أن تصنع واقعًا أفضل.
سادتي الكرام؛
يجب أن ننظر إلى كافة النساء اللواتي تَسَمَين بالقدرة على التأثير والإبداع، وأن نمنحهن الفرصة لتكون لهن بصمة واضحة في جميع ميادين الحياة، كما يجب أن نشجع على البحث عن هذه النماذج وتسليط الأضواء عليها، فهنَّ الجسر الذي يعبر بنا نحو المستقبل الذي نطمح إليه.
إن تقديرنا للإنجازات النسائية يجب أن يكون مستمرًا، لا مرتبطًا بزمن أو مكان، بل متجددًا، ليس فقط في هذا اليوم، الذي خصص للاحتفال بالمرأة، بل في كل يوم من أيام السنة.