اغتصاب عذرية عروس الشاوية أنجب قصبة سطات..
مدينة سطات أو كما لقبها السلف بعروس الشاوية التي كانت تدخل في المنطقة الطبيعية لتامسنا العظيمة الواقعة بين واد أبي رقراق شرقا وتانسيفت غربا ويحدها من الشمال المحيط الأطلنتي وهضبة ورديغة جنوبا، لعبت أدوار طلائعية سياسيا وحضاريا وتاريخيا في المغرب القديم بينما تلاشى دورها في المغرب الحديث، حتى باتت تشكل ضاحية للغول الأم البيضاء.
اليوم مدينة سطات وبعد فطامها لعشرات السنوات خلت عن أمها البيضاء أو "آنفا" كما كانت تلقب في تلك الحقبة، ها هي تعود إليها وكأنها تحن لحليب أمها. لكن هذه المرة بحمولة وظروف أخرى، حيث تقدمت لها الأرملة سطات طالبة اللجوء بعد أن أغلقت صنابير الدعم والاستثمار للمدينة المكلومة، التي تخلى عنها بعض أبنائها مباشرة بعد رحيل ابنها إدريس البصري، حيث كان المتملقون منهم يتهافتون ويتسابقون على أخباره ومحطات نزوله بالمدينة للحضور قصد كسب وده وطلب الجود لتقلد مناصب في قمم قرار المغرب جعلتهم ينتقلون إلى العاصمة الإدارية والإقتصادية ويقدمون ماضيهم ومسقط رأسهم قربانا للحفاظ على كراسيهم بعد رحيل عاشق النهضة السطاتية..هذه النوعية من الأبناء العاقين تظل أصوات فردية لا تعبر عن غالبية سكان هذه المدينة وشهامة وكرم مواطنيها وتاريخهم النضالي وهي المدينة التي انجبت عظماء الرجال في الثقافة والفن والرياضة والعلم والسياسة والبيئة وقدمت قوافل من الشهداء في مختلف مراحل الكفاح الوطني المغربي.
صحيح أن لكل زمن رجال، لكن ليس كل من يطلق عليهم رجال هم في الحقيقة رجال.. فكلمة الطيور تجمع بين الصقور والدجاجة والعصفور.. فماذا فعل رجال هذا الزمن لهذه المدينة التي أراد لها ابنها الراحل أن تكون ضمن قائمة المدن العالمية من خلال توأمتها مع إمارة "الفجيرة" بدولة الإمارات واختيارها بمعية مدينة الجديدة كنماذج وطنية مغربية، لكن هذه المبادرات اغتيلت وسقطت هذه الاتفاقيات والمشاريع في رفوف الأرشيف نخرها السوس والحشرات من الهوامش طرقت الجديدة باب الرقي والتنمية من باب ها الواسع، ولبست سطات جلباب البداوة مرصعة بمظاهر القرون البائدة جعلت من عروس الشاوية تتحول إلى قصبة سطات على اعتبار أن هذا الاسم كان تيمة المدارات القروية الكبيرة.
اليوم مدينة سطات عفوا قصبة سطات بعد أن سلبت البيضاء لقب عاصمة الشاوية ورديغة من مدينة شكلت إلى حدود الأمس الرقم الرابح للمغرب بعد أن كانت تزوده بأكثر من 65 بالمائة من احتياجاته الغدائية المتجلية في الحبوب. مدينة سقطت تيمة الولاية من بناية عمالتها ولم تبقى إلا عبارة بالمانشيط العريض "إقليم سطات". قصبة سطات رغم أنها حبلى بالمتناقضات إلا أن التنكر لتاريخ وحضارة وهوية مدينة سطات إجحاف يشوش على الخريطة التنموية المغربية ويهدد مستقبل المدن المجاورة ويجعل من الحاضر صعب المنال، فلا تنمية مغربية شاملة بدون تنمية لكافة المدن التي تعيش في لواء هذا الوطن…
{facebookpopup}