حياة المواطن السطاتي.. زواج قسري مع مقبرة الأحياء

حياة المواطن السطاتي.. زواج قسري مع مقبرة الأحياء

نحن الذين نعيش في في مدينة سطات طول فصول السنة نعاني من زواج قسري مع الازمات فلقد أصبحت حياتنا عبارة عن جملة من مظاهر القرون الوسطى المتنوعة التي لا نهاية لها بدءا من البطالة المتفشية وصولا الى الخدمات الإجتماعية المتردية التي لا حصر لها صعودا الى انعدام مرافق ترفيهية نزولا الى  غياب أبسط حقوق الانسان من صحة وتعليم وشغل…وبين هذه المعضلة وتلك سوى تقبل المواطن السطاتي جميع أنواع هذه الازمات بحلوها ومرها لأنه لا حياة لمن تنادي، فآهات الساكنة لا تتجاوز حدود هذه الأسطر...

وفي الليل أو فترات الفراغ، يلج المواطن السطاتي للفضاء الأزرق العنكبوتي (الانترنيت) بحثا على فترة قصيرة من الراحة الفكرية والمادية لبعض الوقت ينسى من خلالها أسباب وعوامل ومضاعفات معاناته اليومية المتنوعة مما يجعلها قيلولة وهمية مؤقتة بمشاهدة انجازات تثلج الصدر لمسؤولين غيورين على مدن تبوؤوا التسيير داخل إدارة بها، فالمواطن يوهم عقله وذاكرته بأشياء بعيدة كل البعد عن واقع حياته اليومية المتعفنة بسطات، لكن يمر الوقت سريعا ليستيقظ من عالمه الفاضل على رسالة من شركة الاتصالات (لقد تم استنفاذ رصيدكم من الانترنيت) أو بسبب حلزونية تردد شبكة الإنترنيت ليعود إلى واقعه بكل حسرة ومرارة…

فحياتنا نحن معشر المواطنين بسطات عبارة عن متتالية ومصفوفة منظمة لأشكال غريبة الأطوار لا تمث بصلة لمدينة في القرن الواحد والعشرين. فالمعاناة التي تواجه المواطن السطاتي أي نعم هي لا تقتل جسديا لكنها تقتل فكريا وعقليا وتبيد الثقة في المسؤولين ومؤسسات الدولة وهذا أخطر كثيرا من القتل وإبادة المواطنين الأبرياء، لتتحول مدينتي إلى مقبرة لمواطنين أحياء.

انا لست داعشيا ولا متشائما ولست خائنا للوطن، لكن قد أكون فردا من سرب مواطني المدينة المنسية، بار بمدينتي، استنشق رائحة الشاوية من عين سطات تذوقت طعم المغامرة والدفاع عن مدينتي منذ صغري، واشعر بنكهة الغيرة وأنا أشاهد مدن بالمملكة الشريفة في حجم مدينتي كانت بالأمس جماعات قروية وكيف تحولت إلى مدن بتصميم حديث وراقي يواكب تطلعات القرن الواحد والعشرين في حين مدينتي تراجعت مكتسباتها. فإلى متى ستستمر مدينتي عفوا مقبرتي العزيزة في حظها العاثر

{facebookpopup}