سطات تبكي حظها…

سطات تبكي حظها…

اسمها مرادف لسحر غابات جنوب فرنسا، وهي تملك من المؤهلات الطبيعية التي تجعلها فعلا ساحرة وفاتنة إنها العبارات التي كتبها أحد العناصر العسكرية في أيام الاستعمار الفرنسي للمغرب، حيث تحدث بإسهاب عن مدينة سطات وشبهها بدخول الجنة وهو يخترق أشجارغاباتها الوارفة من المدخل الشمالي قادما من البيضاء التي كانت معروفة بآنفا آنذاك. ولكن هذا السحر الذي تم تدوينه ونسخه في وثيقة ليتم تعليقه في بهو قصر بلدية سطات لوحده لا يكفي للحفاظ على مكانة عروس الشاوية مدينة سطات، إن كان رصيدها الثقافي والطبيعي المادي وغير المادي يتعرض للإهمال، و يهدده شبح الاندثار.

سطات هي عذراء الطبيعة مغربيا، مكانة احتلتها منذ عقود وأصبحت حقيقة لم تعد تخفى على أحد، ولكن طموح المسؤولين الذين تعاقبوا داخلها لم يكن يأخد البيئة في عين الاعتبار، حيث بدأ تقزيم المجال الأخضر شيئا فشيئا إلى أن تحول الاخضرار إلى مشارات مقزمة في هوامش المدينة شاهدة على فترة العز والمجد الطبيعي الخام.

وحيث أن المؤهلات الطبيعية وحدها لا تكفي، فقد استقطبت المدينة خلال السنوات الأخيرة مجموعة من الاستثمارات والمخططات، لكن لم يكلف أحدهم نفسه بتقديم الاقتراحات والتوجيهات بأخد البعد الطبيعي والبيئي بعين الاعتبار ليزحف الإسمنت وتتناسل العلب الإسمنتية كالأعشاب الضارة وسط الحقوق المزهرة.

وإذا كان المسؤولين يرجعون سبب السنوات العجاف تنمويا بسطات إلى غياب استثمارت وميزانية ضخمة، فإني أقول لهم أن المخططات والمشاريع والرؤى لم يواكبها أدنى اهتمام بالقيمة الطبيعية والتاريخية للمدينة نظرا لغياب الحس الوطني للدفاع على مكتسبات المدينة ، حيث كان ممكنا ان تتحول المدينة لوجهة وطنية ودولية للبحث عن الهدوء الطبيعي والهروب من التلوث وبشاعة صورة الإسمنت، لكن مدينتي لم تنل حظها تنمويا من الأموال والرساميل الأجنبية والوطنية المتدفقة في عهد فارسها وابنها البار، وبقيت عرضة للإهمال والتخريب بعد وفاته لتتحول إلى مدينة طفرة في الخريطة التنموية للمغرب. فكيف يتخذون من غياب ميزانية ضخمة ذريعة لإخفاء فشلهم في وضع تصور تنموي حقيقي للمدينة، لأن المال  لا يعني التنمية، بل حسن التدبير والاستماع للآخر، ولو كان صحيحا أن الميزانية من تخلق المشاريع لكنا اليوم وسط نسخة من مدينة الفجيرة الإماراتية التي تم وضع توأمتها مع مدينتي في عهد كان فيه صنبور الدعم متدفقا من كل المنابع، لكن للإسف كان استهلاكه فرديا عوض جماعيا وتحولت مذينتي العذراء طبيعيا إلى أرملة تبكي حظها العاثر في مسؤولين على سن التقاعد يحلون بها قبل انتهاء مسارهم المهني.