حتى لا تظلم مدينة سطات مرتين..

حتى لا  تظلم مدينة سطات مرتين..

في البداية أود الاعتراف أن معلوماتي جد متواضعة عن الوزير السابق للداخلية الراحل إدريس البصري اللهم بعض الاستثناءات عندما كنت صغيرا وكان يحل في الزنقة 11 بحي البطوار إلى منزل والديه الذي لا يبعد إلا بضعة أمتار عن منزلنا، صراحة كان تصيبنا الدهشة للكم الهائل للسيارات التي تحول شارع الفتح "الفاصل بين سوق ماكرو حاليا وحي البطوار" إلى معرض للسيارات الفارهة وكبار الشخصيات التي ترتدي بدلات رسمية سوداء تقف في جماعات منتظرة وصوله على متن مروحية تحط رحالها بعشب ملعب النهضة الرياضية السطاتية.

كنا من الأطفال الصغار الذين نستقبله بقميص النهضة الرياضية السطاتية بمجرد محاولته مغادرة ملعب النهضة الرياضية السطاتية في اتجاه حي البطوار مشيا على الأقدام، حيث كان يسلما بعض الأوراق النقدية قبل أن يتوقف لمشاهدة بحيرة البطوار بطبيعتها الخلابة وبحيرتها التي تشذ الناظرين، قبل ان يصل حي البطوار لتبدأ مسرحيات التملق والتلصق للمسؤول الثاني في هرم التدبير بالمغرب آنذاك من طرف كومبارسات الوطن بدعوى انهم يهتمون في غيابه بمسقط رأسه سطات.

بين الامس والحاضر، لا شيء تغير اللهم بعض الذكريات الجميلة التي تم طمس هويتها بدعوى التنمية التي لم تراعي هوية المدينة التاريخية، ويا ليتني لم أعايش الفترتين لأني أتحسر بحزن مزدوج عندما أتذكر عشرات المشاريع التي تم طمس معالمها من مدينة سطات وأخرى لا زالت عالقة جسد بدون روح، فما جدوى ربط اسم سطات بحقبة تدبير الراحل ادريس البصري الذي مات غريبا خارج مسقط رأسه بعدما تنكر له مسؤولو الامس الذين ظلوا ينتظرون رضاه وجوده عليهم. ما جدوى هذه النجومية التي كتبها التاريخ عن اسم لا زال مسجلا في ذاكرة المدينة يعاد ذكره كلما رأينا مسؤولا فاسدا بمدينتنا وما أكثرهم لنقول "كون كان في وقت البصري".

مثقف موهوب وصاحب مجد فكري سياسي ثقيل ورمز من رموز الوطن ينبغي أن تكون مدينته حسب ما يتداوله ساكنة المغرب أيقونة المدن المغربية، لكن بما أن رحيله كشف أن معظم أصدقائه من المسؤولين لم يكونوا إلا من الوصوليين والإنتهازيين الباحثين عن ريع المصالح، وخلف بعده مسؤولين آخرين ينعدم لذيهم الحس الوطني نجد مدينة سطات تعيش سنوات عجاف من التنمية، فحتى المكتسبات تتبخر يوما بعد يوم في إطار ما يسمى بهتانا مشاريع تنموية.

صحيح أن الراحل كان له غيرة على مدينته افتقدها خلفه، لكن القيمة المعنوية لهذه الغيرة لم تتمحصها ساكنة المدينة خاصة وساكنة المغرب عامة إلا بعد رحيله، وظهور العديد من رموز الفساد الذين ظلوا في فترة تدبيره متقزمين في جحورهم مثل الحلزون يتربصون رحيله منتظرين فرصتهم للكشف عن نواياهم للعيان، وها هي مدينة سطات وواقعها شاهد على مشاريع خاوية على عروشها بصفقات مشبوهة لتدبير مشاريع لم تقدم إضافة لتطلعات الساكنة اللهم إذا استثنينا ما يتم اكتنازه في جيوب المقاولين والمستثمرين الذين ترسوا عليهم الصفقات في ظروف غامضة مع تكرار نفس الاسماء ومدبرين يستفيدون من تحت الطاولة من امتيازات بمقابل توفير تربة الجماعة أو آلياتها لتقديمها للمقاولين داخل مشاريعهم مما يعتبر امتيازا ليس إلا لأن من بين عناصر شركاتهم مدبرون للشأن المحلي والإقليمي من وراء الستار.

سامح الله بعض المدبرين الذين استعملوا اسم "البصري" لسنوات لاكتناز المال الوفير دون تقديم إضافات للمدينة. أو لا سامحهم الله لأنهم استغلوا غيرته العالية على عروس الشاوية وزهده الزائد عن اللزوم ليراكموا "الثروات الطائلة" باسمه الكبير واستغلوا مناصبهم بعد رحيله لمضاعفة ثرواتهم.. فهنا أين ذهبت الثروة؟؟؟؟

وحتى لا تظلم مدينة سطات مرتين، فبعد خطاب عاهل البلاد الملك محمد السادس لعيد العرش المجيد أتمنى ان أرى هؤلاء المفسدين من المسؤولين بسطات يخضعون للمساءلة والمحاسبة والعقاب بتهمة "طمس هوية وتاريخ مدينة بأكملها"، وبقي فقط أن أقول ما يقوله المغاربة في مثل هذه المناسبات "لبكا من ورا الميت خسارة"، حسبنا الله ونعم الوكيل في مسؤولي مدينتنا….