كلشي على الطالون…

كلشي على الطالون…

لا عجب ان أستهل عمودي الصحفي بسرد العلاقة الكبيرة بين السياسي والصحافي، فالسياسي المسؤول هو جندي الحق يسل سيفه للدفاع عن المظلوم وخدمة الساكنة، وكذلك ممارس الصحافة المتفاني يستل قلمه لنثر حبره على الورق فيقول كلمة حق أو يطالب برد ظلم، وكلاهما يتفقان بأن الحق لا يصمت أبدا وهما جنوده.إلا أنه وبفعل جشع الإنسان وجريه لتلبية النفع الذاتي والريع الشخصي تحول بعض الساسة وممارسي الصحافة إلى كعوب "طالونات"، ممارسات دفعتني لمحاولة التعريف بالطالونات (العكوب).

ما لا يعرفه الكثيرون هو أن اختراع الكعب العالي (الطالون) يعود زمنيا إلى عهد الإغريق القدامى حسب المؤرخين، كما وجدت رسوم مصرية قديمة على جدران القبور الفرعونية تحديدا تشير إلى أنه كان شائعا ارتداؤه في تلك الفترة ضمن أشكال بسيطة، إلا أن وظيفته تعصرنت حتى بات يطلق على بعض الأشخاص حاليا كعوب أو طالونات وكلما قيل ان الكعب عالي فهذا دليل أن الشخص له سلطة في مجال معين..

ففساد بعض المسؤولين بلا شك والمحسوبية في التعيين للمناصب وإعداد مناصب وظيفية ومباراة على المقاس من خلال عرض مباريات التوظيف على قدر مقاس السيرة الذاتية لبعض المحسوبين عليهم بناء على طلب أحد الطالونات، هذه الأشياء بالذات تستفز قلمي، ليرميهم في المقابل بشرر حينما يقاتل أفعالهم بكلماتي وحروفي وسط العمود المخصص لي، وفي جميع الأحوال أنا أقاتل الأفعال فقط وليس الأسماء.فلا عجب أن نعايش في يومنا هذا  إغراق المغرب في مباريات توظيف للمحررين و التقنيين والمساعدين الإداريين مما يهدد مستقبل مردودية الإدارة المغربية، في حين على ذوي الشواهد العليا الانتظار إلى حين وصولهم عتبة اليأس ليغادروا هذا البلد في إطار هجرة الأدمغة إلى كندا وأمريكا.

فحتى كبار السياسيين في هذا البلد، قد يبحثون عن طالونات لسندهم ووضعهم في لوائح المقترحين لمناصب عليا أو وزراء داخل الحكومة، فبدون الطالون سيبقى الساسة قابعين في أماكنهم، وكلما كان الطالون عاليا كلما كان المنصب ساميا.

الطالونات لم تبقى حكرا على الساسة وتحولت إلى بعض ممارسي الإعلام والصحافة، حيث تحولوا إلى طالونات لبعض المسؤولين، حيث تجدهم ينتقذون بلغة صفراء بعيدة عن النقذ البناء واللغة السليمة همهم هو تجريح الغير لإرضاء رب الطالون وكسب وده بخدمات معنوية أو بضعة أوراق نقدية، في حين تجد نفس الطالونات يغدقون في المدح لمالك الطالون مما يشرح العلاقة الجذلية بين الطالون والمسؤول.

وبين هذا وذاك وصلت العدوى للطلبة، فعليهم للحصول على نقط متميزة أو الولوج إلى أحد مسالك الدراسات العليا البحث عن طالون لهم يشفع لهم عن غياب معايير الولوج، فتجد بعضهم يتحول إلى غلمان لبعض الأساتذة بحمل حقائبهم وآخرون اختاروا الزقزقة نسبة إلى "زقزوق" بنقل الاخبار أو البحث عن طالونات عالية من خلال تدخل أحد الاعيان وذوي النفوذ.

أما المحاسبة والمساءلة فهي تسير هذه الأيام في حلقة مفرغة والنتيجة أن الكثير من الأمور المعنية بجودة العمل والتدبير والإنجازات مفقودة، بسبب ضياع هذا المبدأ وسط الطالونات (المجاملة والمحسوبية والعبث…) بدون وضع أي اعتبار لمبدأ أمانة العمل والحفاظ على ثقة المواطن والإخلاص للوطن…

يحزنني أن أشاهد ضياع مبدأ المساءلة الإدارية والقانونية في الأدراج وسقوطها أو بمعنى أوضح اختفائها وراء الطالونات التي تغطي على الأخطاء وما أقصده الأخطاء المتكررة ، وغياب المحاسبة يبدأ من قمة هرم المؤسسة وليس من قاعدتها. فعلى منتظر مواعيد الدخول عند الطبيب أو المدرج ضمن لوائح الإنتظار، أو الراغب في اجتياز مباراة، او الإلتحاق بالزوجة، او المراد تعيينهم… البحث عن طالون في المستوى لينالوا حظوظا أوفر تتدرج حسب علو كعبهم. وبالتالي فيالديموقراطية التنمية لبلادنا تسير بالطالون لا أكثر. حيث على كل  مواطن البحث عن طالون  لقضاء أغراضه، لأنه حسب ما يتضح في الساحة "كلشي على الطالون".

{facebookpopup}